الانتحار حرقاً..فشل التأهيل النفسي وغياب الدراسات
وثائقيات حقوق الانسان- غدير الجلاد مع ارتفاع نسبة الفقر والجوع والإحساس بالظلم، وفيما تضرب أمواج الربيع العربي الشعب الأردني بمختلف أطيافه، فتكتمل المعادلة لينتج عنها أشخاص أبو ألا أن يختاروا إحراق أجسادهم للاحتجاج والتعبير عن غضبهم، بعد ان لم يجدوا خيارا أفضل من ذلك. إنهاء الحياة على حد قولهم: “باتت لا تصلح إلا لفئة معينة من الناس” عبارة يرددها أفراد عائلات احرق معيلها جسده ليتركهم يواجهوا مصيرهم من قسوة مجتمع وظلم حكومات. الابن يرفض أي لقاء مع الإعلام احتراماً لذكرى والده يقول: يكفي ما تحدثه الآخرون حتى الآن، لا يريد أن يتكلم أحد عن والده فذلك يؤذي سمعة والده وكذلك العائلة من بعده لأن الناس لا يستطيعون تقدير حجم الظلم الذي وقع على والده والذي أجبره على حرق نفسه. زوجة المتوفى عبرت عن إحباطها ويأسها من دور الجهات الرسمية السلبي، التي لم تقدم الدعم لأبنائها على اعتبارهم عائلة كبيرة فتقول: “نحن لا نريد مالا ولكننا بأمس الحاجة لمعيل، وكل ما نطلبه إيجاد وظيفة لابني وابنتي”. الأطباء النفسيون يرون أن اليأس والإحباط والشعور بالفشل من أكثر ما يدفع الشخص لإنهاء حياته بطريقة متطرفة وقاسية. يقول الطبيب النفسي مجد الدين خمش: “في مرحلة الإحباط والشعور بالفشل وكذلك اليأس الشديد الذي يمنع الإنسان من التفكير بالحلول، يلجأ الإنسان بالانتحار أو بمحاولة الانتحار, ظناً منه بأنه وجد الحل؛ لكنه في الواقع هو حل وهمي وهو يزيد المسألة تعقيداً ولا يحلها”. مستشار الطب الشرعي والخبير لدى الأمم المتحدة في مكافحة العنف هاني جهشان، يقول: ” انهاء الحياة بالحرق يكون بسبب مشكلة نفسية يعاني منها الشخص كالذهان أو الاكتئاب أو الفصام وغيرها، ومنها ما تكون بسبب الأمراض المؤلمة الشديدة كالسرطان والإيدز،أو حوادث الحياة المؤلمة كفقدان شخص عزيز، وبحسبه يظهر التقليد الأعمى أحد العوامل المسببة لإقدام الشخص على إحراق نفسه وخاصة بعد حادثة البوعزيزي, الذي أصبح يندفع له بعض الأشخاص باعتباره استطاع إحداث ثورة كاملة بذلك الفعل”. وبالرغم من عدم وجود أي احصائيات تحصر عدد حالات الانتحار حرقاً إلا أنها لا تتجاوز أصابع اليد, “الأمر الذي لا يمنع التعامل معها كمشكلة” حسب جهشان. وأكد على ضرورة حلها وتظهر أهمية التوعية بأن الانتحار بأي شكل حل غير واقعي يزيد المسألة تعقيداً بدلاً من حلها, ومن جهة أخرى فإن التوعية الدينية مهمة لبيان الحلال والحرام. خمش يحمل الاعلام جزء من التحريض على حالات الانتحار من خلال طريقة تعاطي الاعلام مع حالات إحراق النفس، بحسبه فان هناك تقصير ملحوظ من قبل الدولة بالجانب النفس للأفراد سواء كان وقائياً أو علاجياً. خمش دعا الى إجراء دراسة نفسية اجتماعية لحالات الانتحار حرقا عند حدوثها، وقال “هناك ضعف في الخدمات النفسية سواء في وزارة الصحة أو في مستشفيات القطاع الخاص والتي تكون التكلفة مرتفعة فيها، اضافة الى جهل المجتمع بشكل عام بأهمية مراجعة الطبيب النفسي حتى وإن كانت هناك مشكلة حقيقية, ولذلك فإنهم يفضلون اللجوء للمشعوذين”.