فقر الدم.. المرض الذي يصيب واحدا من كل خمسة اردنيين

فقر الدم.. المرض الذي يصيب واحدا من كل خمسة اردنيين
الرابط المختصر

يعد فقر الدم احد الامراض الاكثر انتشارا في الاردن، حيث يصيب واحدا من بين كل خمسة مواطنين، وينجم اساسا عن خسارة الجسم للدم بسبب النزف، والاصابة ببعض الامراض، اضافة الى العادات الغذائية الخاطئة.

 

وتشير احصائيات وزارة الصحة الى ان نحو عشرين بالمئة من البالغين في المملكة مصابون بفقر الدم (الانيميا)، فيما تصل النسبة الى 13 بالمئة في اوساط الاطفال دون عمر السنة.

 

والانيميا، التي تعني في اللاتينية "بلا دم"، هي الاكثر انتشارا وشيوعا بين أمراض الدم، كما يوضح الطبيب ياسين خضيرات، مبينا انها "حالة مرضية تنجم عن عدم وجود ما يكفي من خلايا الدم الحمراء السليمة في الدم، وهي الناقل الرئيسي للاوكسجين الى أعضاء الجسم".

 

وقال خضيرات ان "المؤشر الذي يؤكد لنا ان هناك فقر دم (لدى الشخص) هو الكشف المخبري عن خضاب الدم، والذي يعرف شعبيا باسم -قوة الدم-".

 

واشار الى ان المعدل الطبيعي لخضاب الدم لدى الاطفال من عمر 6 أشهر الى 5 سنوات هو 11، فيما يرتفع الى 11.5 عند من هم بين عمر 5 الى 11 عاما، والى 12 بالنسبة للذين تتراوح اعمارهم بين 12 و15 عاما، اما الانثى الحامل فوق 15 عاما فيصل المعدل لديها الى 11، ويبلغ 13 عند الذكور فوق 15 عاما.

 

واضاف خضيرات ان الفحص اذا ما اظهر ارقاما اقل من المعدلات المذكورة، فان ذلك يعني اصابة الشخص بفقر الدم، لافتا الى ان هذا المرض له انواع يصل عددها الى 400، لكنها عموما تصنف ضمن ثلاث مجموعات: اولاها التي تنجم عن النزف، والثانية عن نقص اوعيوب في انتاج خلايا الدم الحمراء، والثالثة عن تدير الخلايا الحمراء.

 

وتابع ان اكثر الانواع انتشارا هي الناتجة عن فقدان الدم، ويظهر ذلك جليا عند المصابين بنزف في المعدة جراء القرحة، وكذلك لدى النساء اللواتي انجبن حديثا وتعرضن لنزيف أثناء الولادة، والمصابين بالبواسير والشق الشرجي ممن يخسرون دما باستمرار.

 

ونوه خضيرات الى ان بعض انواع السرطان التي لها علاقة بالنخاع الشوكي، وايضا امراضا وراثية بعينها مثل التلاسيميا، تؤدي الى الاصابة بفقر الدم الناجم عن نقص او عيوب في انتاج الخلايا الحمراء.

 

غير انه اشار الى تراجع التلاسيميا في الاردن بشكل ملحوظ "بسبب الوعي الصحي وتطبيق قانون الفحص الطبي قبل الزواج"، موضحا ان هذا المرض عبارة عن "خلل جبيني يؤدي الى انتاج خلايا دم حمراء مشوهة لا تستطيع نقل الاوكسجين الى انسجة الجسم بشكل كاف، الامر الذي ينعكس سلبا على جميع أعضاء جسم الانسان".

 

واضاف ان هناك "فقر الدم الناتج عن تدمير وانحلال الخلايا الحمراء، وهذا يسببه التسمم بالرصاص او لدغة عنكبوت او ثعبان".

 

وفي ما يتعلق بالاعراض التي تصاحب الاصابة بفقر الدم، فقد بين خضيرات انها تتمثل في "شعور الشخص بتعب وارهاق شديدين، وقد يعاني البعض من اكتئاب، واذا كان فقر الدم شديدا فيمكن أن يؤدي الى التبول اللا ارادي، وتقصف الشعر وتكسر الاظافر واصفرار البشرة".

 

وقال انه "اذا كان فقر الدم سببه نقص الحديد، فقد يصبح لدى الاشخاص المصابين حالة استساغة لغير المستساغ، مثل اكل التراب والطباشير واعواد الكبريت".

 

وتبين الدراسات ان فقر الدم يصيب 13 بالمئة من الاطفال دون السنة من العمر، وهو ناتج بشكل كبير عن عوز الحديد، وعن كون الأمهات قد عانين اصلا من فقر الدم أثناء فترة الحمل.

 

وفي هذا السياق، فقد نصح خضيرات المراة  الراغبة في الانجاب باجراء "فحوصات مسبقة وعلاج اية حالات فقر دم قد تكون موجودة لديها، وذلك لحماية جسمها وطفلها من اصابة محتملة بفقر الدم وعوز الحديد".

 

واوضح ان معدل حاجة الجسم اليومية من الحديد لدى النساء في مرحلة الانجاب هي بين 7-20 ملغم، والمراة اثناء الحمل من 20-48 ملغم، والرجال والنساء في سن اليأس من 5-10 ملغم، والمراهقين من 10-20 ملغم، والاطفال من 4-10 ملغم، ولا تقل عند الرضع عن 1.5ملغم.

 

ولفت خضيرات الى ان "اكثر تواجد لعنصر الحديد هو في اللحوم والورقيات الخضراء الداكنة"، لكنه اشار الى ان "العادات الغذائية الخاطئة لا تسمح لنا بالاستفادة من الحديد المخزن في هذه الاطعمة".

 

وشرح قائلا "من المعروف ان الحديد يسهل امتصاصه بوجود فيتامين ج، ويقل امتصاصه مع الكالسيوم. وعلى سبيل المثال ينبغي تناول ورقيات خضراء تحتوي عنصر الحديد كالجرجير والبقدونس والنعنع مع عصير الليمون، ولكن الخطأ الدارج هو ان هذه الورقيات يجري تناولها مع اللبن الذي يحتوي على كالسيوم يحد من امتصاص الجسم للحديد".

 

واضاف ان ذات الامر "ينسحب على اللحوم، حيث يفضل عدم تناول اللبن معها كي لا يحد من امتصاص الحديد خاصة لمرضى فقر الدم، ويفضل الاستعاضة عن اللبن بالسلطات الخضراء التي يضاف اليها عصرة ليمون طبيعية".

 

وعرج خضيرات على قرار الحكومة باضافة مادة الحديد الى الطحين، واصفا ذلك بانه "خطوة جيدة جدا خاصة ان الخبز متوفر لكافة شرائح المجتمع،  ومهما بلغت نسبة الفقر لدى الشخص فانه يتناول الخبز حتما".

 

لكنه اعتبر ذلك غير كاف، و"يجب ان تصحبه توعية غذائية من قبل وزارة الصحة، حيث ان تناول الخبز المدعوم بالحديد مع اللبن او الحليب لا يحقق النتيجة المرجوة، لان الكالسيوم الموجود في الالبان يقلل امتصاص الجسم للحديد".

 

وحذر خضيرات من فقر الدم الذي ينجم عن اتباع الحميات الغذائية القاسية، خصوصا من قبل المراهقات اللواتي يحلمن بقوام واوزان مشابهة لما تتمتع به عارضات الازياء.

 

وقال ان "فقر الدم عند هذه الفئة تصحبه اعراض شديدة كتقصف الشعر وتكسر الاظافر ومشاكل البشرة والارهاق العام وعدم التركيز وسوء التحصيل العلمي والدراسي"، مضيفا ان فقر الدم الناجم عن الحميات القاسية "يؤدي ايضا الى نقص فيتامينات الدم".

 

واعتبر خضيرات ان الخطأ الذي تقع فيه بعض هؤلاء الفتيات، يتمثل في اقبالهن على المستحضرات التي تعتني بالبشرة والاظافر وغيرها، ما يعني "معالجة العرض دون الالتفات الى معالجة المرض".

 

ونصح "هذه الفئة ان تعالج عوز الحديد عند الطبيب باستخدام الادوية المناسبة واتباع نمط غذائي سليم، حيث ستعود حينها الى اجزاء الجسم صحتها  والى الشعر لمعانه والاظافر قوتها، ولكن صرف النقود على المستحضرات التي منها ما يحتوي على الكرياتين ويقدم تغذية سطحية دون العلاج الحقيقي، هو هدر للمال اذا لم يترافق مع تنمية صحة الجسم داخليا".

 

كما دعا خضيرات الاهالي الى "الانتباه لاعراض فقر الدم ومعالجتها لدى الابناء في وقت مبكر"، لما لهذا المرض من "تاثير  كبير على تحصيلهم الدراسي وتواصلهم الاجتماعي".