صناعة الشموع تُخرج زرقاويات من ظلمة الحاجة الى نور الحياة الكريمة
تعد صناعة شموع الزينة احدى الحرف التقليدية العريقة التي وجدت فيها بعض نسوة الزرقاء ضالتهن، فتعلمنها وحولنها الى مهنة منزلية اصبحت تدر عليهن دخلا اسهم في توفير حياة كريمة لاسرهن.
ليلى عبد الحميد "ام احمد"، واحدة من هؤلاء النسوة، وقد اتخذت من مطبخ منزلها المستأجر مشغلا تصنع فيه اشكالا متنوعة من الشموع المستخدمة في تزيين البيوت، وفي حفلات اعياد الميلاد والاعراس وغيرها.
وكما توضح ام احمد، فقد اتجهت الى تعلم هذه المهنة من خلال دورة نظمتها جمعية المحافظة على التراث، وذلك رغبة منها في تحسين مستوى معيشة اسرتها التي كانت تعتمد على اجر متواضع يجنيه زوجها من عمله كسائق.
ولهذه المرأة ولدان ما زالا في المدرسة، واربع بنات منهن اثنتان لم يتسن لهما متابعة تحصيلهن العلمي بعد التوجيهي لضيق ذات يد الاسرة، والاخريان ملتحقتان حاليا بدورة فن تجميل في معهد التدريب المهني.
وقالت ام احمد انها ما ان انهت دورة صناعة الشموع في الجمعية حتى انطلقت تبحث في الاسواق عن المواد اللازمة للبدء في العمل، متحرية محلات البيع بالجملة من اجل الحصول على افضل الاسعار.
وبينت ان الشمع الخام، وهو المكون الاساسي، يباع في تلك المحلات باسعار تتراوح بين دينارين واربعة دنانير للكيلوغرام، وذلك تبعا للمنشأ، سواء كان تركيا او صينيا او ايرانيا او المانيا، مع اشارتها الى ان الالماني هو الاجود والاغلى سعرا.
ومن جهتها، فهي تفضل الشمع الايراني كما تقول، وذلك لمقبولية سعره وجودته، حيث تبتاعه على شكل الواح زنة الواحد منها ستة كيلوغرامات.
واجمالا، هناك اربعة انواع رئيسية من الشمع اولها مصنّع من شحوم حيوانية، وهو يمتاز باضاءة جيدة لكن رائحة احتراقه كريهة، والثاني من البرافين (مادة هيدروكربونية عديمة اللون)، ويعرف بانه صلب ويعطي انارة قوية ودخانا اقل من سابقه.
والنوع الثالث هو شمع النحل ذو الرائحة المميزة، والذي يعطي لهباً نقياً ولا دخان له، لكنه غالي الثمن جداً، والرابع هو الشمع المصنع من فول الصويا، والمعروف ببطء احتراقه وبما يتيح عمرا اطول للشمعة.
اما بقية مستلزمات التصنيع التي تشتريها ام احمد، فتتمثل في اصباغ مائية تحصل عليها من محال العطارة واخرى زيتية عطرية تفضل شراءها من محال في عمان، والتي توفرها بجودة اعلى واسعار اقل مما هو لدى نظيراتها في الزرقاء.
ومن المستلزمات ايضا فتائل الاحتراق ومواد تستخدم لتقسية الشموع واضفاء البريق على اسطحها، وكذلك القوالب التي يجري صب الشمع المنصهر فيها لاكسابه الاشكال المرغوبة.
وعادة ما تسوق ام احمد منتجاتها من خلال المعارض والبازارات، وايضا مواقع التواصل اﻹجتماعي، كما تتعامل مع محال تجارية، لكنها تشكو من استغلال بعض اصحابها ممن يشترون المنتجات باثمان بخسة ويبيعونها باسعار مضاعفة على حد قولها.
نفس الشكوى من مصاعب التسويق واستغلال بعض التجار، جاءت ايضا من فاطمة فضل "ام ابراهيم"، والتي اكدت ان طموحها يتركز حاليا في امتلاك محل تتمكن من عرض منتجاتها فيه، لكنها قالت امكاناتها المالية لا تسمح لها بذلك.
وكما هي الحال مع ام احمد، فقد تعلمت ام ابراهيم المهنة عبر دورة تدريبية نظمتها احدى الجمعيات الخيرية، ودفعها الى ذلك مرض زوجها الذي جعله غير قادر على العمل والانفاق على متطلبات ابنائهما السبعة، ناهيك عن تامين اجرة البيت.
وقدورها ايضا، حولت ام هذه المراة مطبخها الى مشغل تناوب فيه على طهو الطعام لعائلتها حينا، وحينا اخر على صناعة اشكال الشموع للزبائن الذين هم في معظمهم من الاقرباء والجيران وزوار المعارض والبازات.
ويجدر بالذكر ان بلدية الزرقاء كانت اعلنت انها بصدد تخصيص سوق لعرض منتجات ربات البيوت، واللواتي يعانين من مشكلة تسويق منتجاتهن، سواء من المواد الغذائية أو الأشغال اليدوية التي يصنعنها بهدف تحسين دخول أسرهن.
ومن المؤمل ان يشكل المشروع الذي سيحتضنه مجمع سوق البلدية، حلا لمشكلة التسويق التي تعاني منها كثير من السيدات اللواتي يقمن بتصنيع المنتجات في بيوتهن بموجب رخص مهن منزلية يحصلن عليها من بلدية الزرقاء.
إستمع الآن