إسهالات الصيف.. المسببات والعلاج وطرق الوقاية
تعد الاسهالات من اكثر العوارض المرضية شيوعا، واحيانا خطورة، في فصل الصيف، والذي تشكل الحرارة المرتفعة خلاله بيئة مواتية لنمو وتكاثر البكتيريا والميكروبات، وكذلك النواقل التي تنشرها كالحشرات والقوارض.
وكما يوضح الدكتور خالد البحتي رئيس قسم رقابة الامراض في مديرية صحة الزرقاء، فان الاسهالات تنقسم الى نوعين، اسهال مدمم واسهال مائي، مبينا ان النوع الاخير يعتبر اصابة خفيفة ويسهل الشفاء منه، اما الاول، فهو الاشد، حيث ان الجسم يتعرض معه لفقد الدم اضافة الى السوائل والاملاح.
وقال البحتي انه عادة ما يكون وراء الاسهال المدمم مسبب مرضي، وهو يعد مشكلة تحتاج الى العلاج والمتابعة الطبية، بينما ينجم الاسهال العادي اجمالا عن التعرض للبرد او تناول أطعمة ملينة، وبالتالي لا يعتبر حالة مرضية.
واشار الى ان "من المتفق عليه في وزارة الصحة ان الاسهال هو خروج البراز لثلاث مرات أو أكثر خلال 24 ساعة، اي يوم واحد، ويتخذ البراز في حالة الاسهال شكل الوعاء الذي يوضع فيه، حيث يتسم بأنه لين وطري، وقد يكون ذا قوام مائي، وعندها يصبح المريض بحاجة الى اجراء المزيد من الفحوصات لمعرفة المسبب، وكذلك .. الى علاج".
ونوه البحتي الى ان "العلاج في هذه الحالة يكون باعطاء المصاب مزيدا من السوائل، مثل العصائر او القهوة والشاي ومياه الشرب، وذلك لتعويض السوائل التي فقدها .. وطبعا هذه الاجراءات تتخذ في حالات الاسهال البسيطة".
واستدرك قائلا انه "اذا تعدى الامر الى اسهال شديد جدا وخسارة سوائل بشكل كبير بحيث يفقد المريض السيطرة على نفسه، فاننا ندخله المستشفى ونلجأ الى تعويض السوائل المفقودة بواسطة محاليل طبية تعطى في الوريد، ثم يعطى المضاد الحيوي بعد ظهور نتائج الفحص ليكون المضاد مناسبا لمقاومة الجرثومة المسببة للاسهال".
الاطفال وكبار السن
وبالنسبة للفئات الاشد تاثرا بالاسهالاات، فقد اكد البحتي ان "الاسهال يعد خطيرا على الاطفال الذين هم تحت عمر 4 سنوات وكذلك كبار السن، وكما في كل الامراض، فهاتان الشريحتان هما الاكثر تأثرا بالمرض ومضاعفاته بسبب ضعف البنية الجسدية لدي افرادهما وعدم القدرة على المقاومة".
كما بيّن ان "الاطفال بشكل خاص لديهم نسبة سوائل في اجسامهم اعلى من نسبة السوائل في اجساد البالغين، وعند تعرضهم للإسهال فانه من السهل ان يصابوا بالجفاف الذي ينتج عن نقص الاملاح وقد يؤدي الى الموت ان لم تتم معالجته في الوقت المناسب".
على انه توقع "ان تقل الى اقل من النصف نسبة الاطفال المصابين بالاسهالات، وخصوصا الفئة العمرية تحت اربع سنوات، وذلك كثمرة للسياسة التي تتبعها وزارة الصحة والمتمثلة في تطعيم المواليد اعتبارا من 1-1-2015 بمطعوم الروتا فايروس والذي يعتبر المسبب الاكبر للاسهال لدى الاطفال".
ولفت البحتي الى ان "الاسهالات تُتابع أسبوعيا في مديرية صحة الزرقاء، حيث يتوجب على المراكز التابعة للمديرية في المحافظة تزويد الادارة بعدد الحالات التي تراجعها، والمديرية بدورها تقوم بالتدقيق في الاعداد الواردة من كل مركز، فاذا زادتعن الحد المتعارف عليه، فإن ذلك دلالة وباء، وتقوم فرق وزارة الصحة حينها بمتابعة الموضوع والبحث عن المسببات".
وقال ان الوزارة بدورها "بالتدقيق في عدد حالات الاسهالات التي ترفعها مديريات صحة المملكة وتراقب الاعداد الواردة اليها عن كثب وتتحرك بشكل عاجل من اجل تفادي انتشار الاسهال والعمل على معالجة الاسباب".
واضاف البحتي ان الوزارة "تتوقع من مديرية صحة الزرقاء ان توصل ما عدده 400 حالة اسهال اسبوعيا في فترة الصيف من مختلف الوية وأقضية المحافظة عبر مراكزها الصحية"، معتبرا ان هذا الرقم هو "المعيار الاكثر دقة" لتحديد ما اذا كانت حالات الاسهال تشير الى وباء، او ان هناك تقصيرا في رصد الحالات من قبل المديريات اذا ما كان العدد اقل من المعدل.
وشدد على انه لم تسجل في الاردن منذ 15 عاما اي حالة وفاة بسبب الاسهالات، بالرغم من عدد الحالات الذي يتم رصدها اسبوعيا، وهي جميعها حالات قابلة للشفاء، عازيا ذلك الى وعي المواطن بالمرض وطرق التعامل معه، والعناية الطبية الفورية لجميع حالات الاسهال وتقصي اسباب الحالات الشديدة مخبريا.
وعموما، يوضح البحتي ان اعداد الاسهالات ترتفع خلال فترة الصيف، ومن اسبابها بكتيريا السالمونيلا، والتي غالبا ما تصاحب التسممات الغذائية، والتي تنجم بدورها عن تلف الاطعمة في ظل الحرارة المرتفعة.
نصائح للوقاية
الى ذلك، قدم المسؤول في مديرية صحة الزرقاء، جملة من النصائح للوقاية من الاصابة بالاسهالات خلال فصل الصيف، وفي مقدمتها "غسل الايدي بالماء والصابون مرارا وتكرارا قبل الطعام وبعده، وعند الدخول الى البيت او ملامسة الاشياء والاجسام المختلفة، وبعد استخدام المرحاض او ملامسة المواد الزراعية او الجيوانات الاليفة".
كما حث على "غسل اليد والوجه بالماء والصابون عقب مصافحة الناس وتقبيلهم في مواسم العزاء والافراح"، معتبرا ان "هذه القاعدة تقلل من حالات الاسهال بنسبة 50 بالمئة، وكذلك تقلل الجهود المبذولة من قبل الدولة والاعباء المالية التي تنفق على حالات الاسهال".
واكد البحتي ايضا ضرورة "التنظيف الدوري لخزانات المياه في البيوت، ولمرة واحدة في السنة على الاقل، وكذلك تعقيمها وتغطيتها بشكل جيد"، لافتا الى ان "الخزانات المكشوفة تكون عرضة لان تسقط فيها الطيور والحيوانات الصغيرة مما يؤدي الى تلوث مياهها والتسبب بالاسهالات والمشاكل المعوية".
واضاف ان "مبردات المياه (الكولر) يجب ان تنظف وتعقم جيدا بشكل دوري لتجنب تلوث المياه، وينطبق الامر على فلاتر المياه المنزلية، فهي بحاجة الى عناية ونظافة وتفقد دوري".
وبين في هذا الصدد ان "هناك تعاونا وثيقا بين وزارة الصحة وسلطة المياه حيث تقوم الوزارة بدور رقابي على جودة المياه والتاكد من اضافة المواد المعقمة لها، ويتم تكثيف رقابة الصحة على المياه خلال فترة الصيف للتاكد من اضافة عنصر الكلورين المعقم".
وفي جانب اخر، حذر البحتي من مخاطر قيام بائعي البطيخ باستخدام سكين ملوثة للكشف عن جودة بضاعتهم للزبائن، ضمن ما يعرف بالبيع باسلوب "تعليم البطيخ".
وقال ان هذه الممارسة تؤدي الى "انتقال الجراثيم التي تسبب الاسهال والامراض المعوية الاخرى، وما يزيد الطين بلة ان يقول لك بائع البطيخ: تفضل ذوق حمار وحلاة! فمن خلال هذا الفعل ينقل اليك كما هائلا من الجراثيم المسببة للمرض".
وعبر عن امله في ان "يتوقف الباعة والمشترون عن طريقة تعليم البطيخ" والتي وصفها بانها عادة سيئة "ويجب القضاء عليها كما تم القضاء على عادة فنجان القهوة السادة الوحيد الذي كان يلف على جميع الضيوف في الجلسة ومن خلاله تنتقل الامراض الى جميع الحضور، حيث تم استبداله بفناجين ورقية يشرب فيها شخص واحد لمرة واحدة".
ولم يفت البحتي التحذير من مغبة التعامل مع المواد الغذائية المعروضة على البسطات، او التي تباع في محلات تفتقد لادنى الشروط الصحية في تعاملها مع الاطعمة، واصفا تلك البسطات والمحلات بانها "اوكار للاسهالات بسب فساد الاطعمة فيها".
إستمع الآن