مسيرة لأمهات عاملات يطالبن بحضانات لأطفالهن في أماكن العمل تطبيقا للقانون

شاركت سيدات وأطفال وممثلات عن منظمات مجتمع مدني أمس، في مسيرة تطالب بتفعيل المادة 72 من قانون العمل، التي تؤكد حق المرأة العاملة بوجود حضانة في مكان عملها. المسيرة التي نظمتها حملة "صداقة" بالتعاون مع وزارة العمل، انطلقت من دوار باريس في جبل اللويبدة بعمان، وانتهت في دوار منتزه اللويبدة شارع حسني فريز، وتهدف الى توعية العاملات بهذه المادة من القانون. وتلزم المادة 72 أصحاب العمل، ممن يستخدمون 20 امرأة عاملة فأكثر، بتهيئة مكان مناسب، ليكون حضانة لرعاية أطفالهن ممن تقل أعمارهم عن 10 أعوام، على أن لا يقل عددهم عن 10 أطفال، بحسب منسقة الحملة رندة نفاع. وقالت نفاع لـ"الغد" إن "صداقة التي انطلقت في شهر أيار (مايو) الماضي، تهدف إلى مساعدة الأم العاملة على زيادة إنتاجيتها في العمل، والمساهمة بالاستقرار الوظيفي والعائلي، وبالتالي زيادة فرص وصولها الى مراكز صنع القرار، إضافة الى الإيجابيات التي تعود على أصحاب العمل من زيادة الإنتاجية، وتعزيز الولاء والانتماء للعمل". ولفتت نفاع إلى أن الحملة تقودها مجموعة نساء عاملات وناشطات في المجتمع المدني والإعلام، بالتعاون مع مركز الحياة لتنمية المجتمع المدني ومؤسسة "Vital Voices"، وتعمل على حشد الدعم من أصحاب القرار في الجهات الحكومية والخاصة، ومؤسسات مجتمع مدني وناشطين، ونواب، ونشر أهدافها في وسائل الإعلام، لتفعيل القانون ونشر الوعي العام بهذه القضية. وأكدت على توجه الحملة، بالاتفاق مع مؤسستين من القطاع الخاص، للعمل على إنجاز حضانتي أطفال، وتوفير بيئة عمل صديقة للمرأة، وبالتالي تقديم نماذج من مؤسسات يحتذى بها. وتحدثت داليا إحدى المشاركات في المسيرة الى "الغد" عن معاناتها بسبب عدم وجود حضانة في مكان عملها، ما أدى إلى تعرضها لمجموعة مشاكل بعد إنجابها طفلها الأول. وقالت إن "المؤسسة التي تعمل فيها، لديها عدد كاف من الأمهات العاملات، ما يستلزم وفق قانون العمل إيجاد حضانة لأبنائهن"، مشيرة إلى أن عدم وجود حضانة، اضطرها في النهاية لترك العمل والجلوس في البيت برغم حاجتها له. وبينت داليا، أنها فكرت بجميع الحلول الممكنة لتأمين طفلها أثناء وجودها في العمل الذي يبدأ الساعة 8 صباحا لينتهي في الخامسة، وليكون الحل إيجاد حضانة قريبة من عملها. وهنا كانت الصدمة الأولى لها، فهي تسكن في منطقة ماركا الشمالية في الجهة الشرقية من عمان، ومكان عملها في منطقة الرابية في الجهة الغربية من عمان، لذلك قررت وضع طفلها في حضانة قريبة من مكان عملها لتستطيع إرضاعه، لكن أسعار الحضانات، كانت ستكلفها أكثر من نصف راتبها الذي لا يتجاوز الـ 300 دينار. وبذلك تغاضت داليا عن فكرة الحضانة، ليكون الحل وضعه عند والدتها التي تسكن في بيادر وادي السير في عمان، لكن مع مرور الشهر الأول، اكتشفت ان وضعه في الحضانة سيكون أقل تكلفة، لأنها تضطر لإيصاله صباحا لوالدتها ومن ثم المرور مساء لأخذه ما يكلفها أجور مواصلات أكثر من طاقتها، فهي لا تملك سيارة للتنقل. وبالطبع، فإن حل استقدام خادمة كان مستحيلا، لأنها وبسؤالها زميلة لها في العمل لديها خادمة، علمت أن أجور استقدام الخادمة تفوق 3 آلاف دينار ناهيك عما ستتقاضاه شهريا كراتب. حال داليا مشابه لكثير من الأمهات اللواتي يضطرهن عدم وجود حضانات في مقار عملهن الى ترك سوق العمل بعد إنجابهن، معتبرات أن ذلك يشكل "بيئة طاردة للأم". من جهته، أكد أمين عام وزارة العمل حمادة أبو نجمة الى "الغد" أهمية إيجاد حضانات في أماكن العمل، مبينا أن الفترة العمرية التي توفر للمرأة فرصا للتقدم الوظيفي هي نفسها الفترة التي تبدأ فيها المرأة بتكوين أسرة. وبين دور الوزارة "الودي" بالتشجيع على تطبيق قانون العمل، بما يتعلق بإنشاء حضانات، لما له من أهمية في تيسير دور المرأة للانخراط بسوق العمل لزيادة إنتاجيتها واستقرارها الوظيفي والعائلي وتعزيز ولائها وانتمائها للعمل. وكانت "صداقة" أعدت بحثا وزعت فيه 60 استبانة على سيدات عاملات، نصفهن لديهن حضانة في مكان العمل، في حين لا يملك النصف الثاني ذلك، وأثبتت النتائج التأثير الإيجابي على المرأة وعملها عند وجود الحضانة في العمل، وأيضا على أصحاب العمل، فضلا عن التمكين الاقتصادي عموما. وبينت أن نتائج البحث أظهرت تفاوتا ملحوظاً في مدى معرفة الفريقين بالمادة 72 من القانون، بحيث أظهرت السيدات اللواتي يوجد لديهن حضانات، معرفة نسبية بهذه المادة، في حين أظهرت الأخريات جهلا مطلقا بها وبغيرها من النصوص القانونية الخاصة بقضيتهن هذه. وبين البحث أن الراحة النفسية مطلب رئيس للإنجاز، وأن وجود حضانة قريبة من شأنه أن يبدد كماً هائلا من الانشغال والتفكير عن كاهل الأم، خصوصاً في حال اتصال الحضانة لظرف طارئ أو مرض أو ما شابه من الحالات التي يتعرض لها الأطفال. كما اتفق الفريقان على أن "هنالك صعوبات وإحراجات شديدة لدى أرباب العمل كلما رن الهاتف من الحضانة البعيدة". وقال البحث إنه لوحظ تفاعل المشاركات بإشارتهن إلى التأثير الإيجابي النفسي عليهن، عبر عدة جوانب متداخلة، أهمها اختصار الأوقات العصيبة التي تمر بها المرأة العاملة خلال سيرها في الطرقات لإيصال أطفالها للحضانة أو إرجاعهم للبيت، وأحيانا، قد تحدث حالات تستدعي عودة الطفل للبيت مبكراً، وأخرى تتأخر وسيلة النقل، ما يدفع السيدات لمغادرة عملهن اضطراريا، أو التأخر عنه. أما عن تأثير وجود حضانات قريبة على أداء المرأة العاملة، فبدأ البحث في رأي كل من الفريقين على حدة، ليتبين أن نقاط القوة المشتركة بينهما، تصل إلى حدود عليا، بحيث اتفق الفريقان على أن وجود الحضانة القريبة، يجعل المرأة العاملة مرتاحة في أدائها، مطمئنة البال، وتشعر بالأمان النفسي. كما أن بعض الإدارات، بحسب سيدات، ترى في ذلك حلا أفضل لتجنب اللجوء للكثير من المغادرات والتأخيرات والإجازات بدون رواتب ومستحقات. كما أشارت سيدات إلى أن الأداء يسير نحو الأفضل، جراء رفع درجة الثقة لديهن بتحسن أداء الحضانات، بحكم قربهن منها، والتي تمكنهن من مراقبة مستوى الخدمات المقدمة لأطفالهن، على عكس الحال في الحضانات خارج أماكن العمل، والتي يكثر فيها الإهمال، وحالات التمييز بين الأطفال.

أضف تعليقك