المرصد العمالي: لا تحسينات جوهرية على ظروف المرأة العاملة

الرابط المختصر

أصدر المرصد العمالي الأردني وللعام الثالث على التوالي، “ورقة تقدير موقف”، بهدف إلقاء الضوء على واقع المرأة الأردنية في سوق العمل الأردني، ورصد التغيرات في أوضاع المرأة على أرض الواقع في سوق العمل أو على مستوى التشريعات. وأشار المرصد إلى عدم ملاحظة أية تحسينات جوهرية على وضع المرأة في هذا المجال منذ سنوات، الأمر الذي يشير إلى أن الجهود التي بذلت ومازالت تبذل في سبيل زيادة ادماج المرأة في الحياة الاقتصادية الأردنية لم تكن فعالة، وفي أحسن الأحوال ساهمت هذه الجهود والبرامج في ايجاد ونشر خطاب تضامني مع المرأة للحصول على حقوقها الاقتصادية. وأضاف بأن الأرقام الرسمية لا تزال تشير إلى أن معدل المشاركة الاقتصادية المنقح للمرأة الأردنية في نهاية عام 2011  ”قوة العمل للإناث منسوبة إلى عدد السكان من الإناث 15 سنة فأكثر”، ما زال منخفضاً جداً ويبلغ حوالي 14.9 % مقارنة مع64.8 % عند الذكور، وهذه النسبة تراوح مكانها منذ سنوات. “وإذا ما قورنت هذه المؤشرات مع واقع حال الدول العربية ودول العالم الثالث الذي تقارب فيها نسبة مشاركة المرأة 30 % وفي الدول المتقدمة تقارب 50%، الأمر الذي يشير إلى عدم فعالية الجهود التي تبذل لزيادة مشاركة المرأة في الحياة الاقتصادية. ومن الجدير بالذكر أن ترتيب الأردن في تقرير التنافسية العالمي لعام 2010 في مؤشر مشاركة المرأة الاقتصادي كان الأخير بين (139) دولة. من جانب آخر، فإن أحدث الأرقام الصادرة عن المؤسسة العامة للضمان الاجتماعي والمتعلقة بعام 2010 تشير إلى أن نسبة النساء المشتركات في المؤسسة تبلغ حوالي 25.3% من مجمل المشتركين في المؤسسة. وفي ذات السياق، بينت دراسة مسح فرص العمل التي استحدثها الاقتصاد الأردني في النصف الأول من عام 2010 أن 25% من فرص العمل التي استحدثها الاقتصاد الأردني كانت للنساء. هذا وما زالت معدلات البطالة عند النساء الأردنيات أعلى منها عند الرجال، إذ بلغت 18.3% مقابل 10.7 بالمائة عند الرجال في نهاية عام 2011. واعتبر المرصد أن هذه المؤشرات لم تتغير بشكل ملموس منذ سنوات، وبقيت تتحرك بواقع نقطة أو نقطتين صعوداً أو نزولاً، الأمر الذي يدخلها في باب الأخطاء الاحتمالية الاحصائية. 95% من النساء يعملن في 3 قطاعات.. وظروف عمل طاردة: وحول القطاعات المهنية التي تشغلها المرأة، أوضح المرصد أن الغالبية الساحقة من النساء العاملات في الأردن تتركز في ثلاثة قطاعات اقتصادية من أصل (13)اقتصادي، وهذه القطاعات الثلاثة تتمثل في الإدارة العامة والتعليم والصحة والعمل الاجتماعي، وبنسبة 95% من النساء العاملات. وأكد المرصد العمالي أن عدم حدوث تقدم ملموس في دور المرأة اقتصاديا، وبالتالي زيادة مشاركتها في جهود التنمية يعود بشكل أساسي إلى ظروف العمل الطاردة “غير الصديقة” التي يعاني منها سوق العمل الأردني ويعاني منها كل من الرجال والنساء، مع الأخذ بعين الاعتبار أن النساء يتعرضن لانتهاكات في حقوقهن الأساسية أكثر من الرجال. فما زالت معدلات الأجور في الأردن منخفضة جداً، فحسب آخر مؤشرات صادرة عن دائرة الإحصاءات العامة فإن متوسط أجور العاملين الشهري في القطاع العام يبلغ (412) دينارا، وفي القطاع الخاص (338) دينارا، بفجوة لصالح الذكور قدرها ( 63) دينارا و (69) دينارا شهريا على التوالي. كما تشير العديد من التقارير العمالية والحقوقية أن النساء العاملات في القطاع الخاص يتعرضن للعديد من الانتهاكات وتجاوزات مخالفة لنصوص قانون العمل الأردني، فأعداد كبيرة منهن يعملن لساعات أكثر من 8 ساعات يوميا، ومحرومات من أي شكل من أشكال الحماية الاجتماعية والضمان الاجتماعي، كذلك هنالك أعداد كبيرة منهن يحصلن على اجور تقل كثيرا عن الحد الأدنى للأجور ولا يتمتعن بالاستقرار الوظيفي وغيرها من شروط العمل اللائق. وإذا ما علمنا أن النساء في الأردن يشكلن ما نسبته 51%، من طلبة البكالوريوس في مختلف الجامعات حسب أرقام2011، فإن ضعف دور المرأة في الحياة الاقتصادية الأردنية يعد أحد المشكلات الأساسية التي يواجهها الاقتصاد الوطني، فهو من جانب يحرم طاقات إنتاجية كبيرة من المساهمة في بناء وتطوير الاقتصاد الوطني، ومن جانب آخر تزيد من نسبة الإعالة في المجتمع الأردني، حيث يعيل كل مواطن أربعة آخرين، وهذه النسبة تعد أيضاً من أعلى النسب في العالم. ومن الجدير بالذكر أن معدلات المشاركة الاقتصادية للمرأة في الأردن تتأثر بالحالة الاجتماعية وعدد وأعمار الأطفال لديها ومدى توفر الخدمات المتعلقة بالمرأة العاملة، وبالذات دور الحضانة، كما أن حجم قوة العمل النسائية يتأثر إلى حد كبير بعمر المرأة وزواجها، وإن الانسحاب من سوق العمل بالنسبة للمرأة يزداد طردياً مع ازدياد عدد العاملات المتزوجات، ومع ازدياد الإنجاب للمرأة العاملة. وأكد المرصد في ختام بيانه أنه بات مطلوبا العمل على تحسين شروط العمل في الأردن بشكل عام وخاصة للنساء، لتصبح أكثر جاذبية للنساء، بالإضافة إلى عمل مراجعة لمختلف الاستراتيجيات والبرامج الهادفة إلى تعزيز دور المرأة في الحياة الاقتصادية وسوق العمل سواء تلك الصادرة عن المؤسسات الحكومية ذات العلاقة أو عن مؤسسات المجتمع المدني، ليس بهدف تقنين حقوق المرأة وحمايتها فحسب، بل لضمان تنفيذ هذه الحقوق.