اضطر عدد من الصحف في الأردن إلى البدء في تسريح عدد من العاملين فيها، بمن فيهم الصحافيون، بسبب الأزمة التي تعاني منها على خلفية قانون جديد يُقيد نشر الإعلانات القضائية، وهي الإعلانات التي كانت تأتي من المحاكم وكانت تشكل مصدراً مهماً للدخل المالي بالنسبة لكافة الصحف اليومية في البلاد.
وكان قانون جديد قد بدأ سريانه في الأردن يحصر نشر الإعلانات القضائية والتبليغات في الصحيفتين الأوسع انتشاراً، وهو الأمر الذي أحيل إلى نقابة الصحافيين من أجل تحديد من هما الصحيفتان الأوسع انتشاراً في البلاد، فيما فهمه الكثير من الصحافيين والعاملين في مجال الإعلام على أنه محاولة لضرب الصحف المعارضة، أو اليوميات الصغيرة التي كانت تجتذب نسبة كبيرة من هذه الإعلانات التي توجب المحاكم على أصحاب الدعاوى نشرها في الصحف المحلية.
وعلمت «القدس العربي» أن جريدة «السبيل» وهي اليومية التي تمثل المعارضة الإسلامية في الأردن، ويسود الاعتقاد أنها مملوكة لجماعة الإخوان المسلمين وممولة منها، اضطرت قبل أيام إلى الاستغناء عن خدمات عدد كبير من العاملين فيها وسط أزمة مالية غير مسبوقة تمر بها بعد أن توقفت إعلانات المحاكم عنها بموجب القانون الجديد.
وحسب المعلومات التي حصلت عليها «القدس العربي» فإن «السبيل» تأخرت في سداد الرواتب الشهرية لموظفيها المقررة في بداية نيسان/أبريل الحالي وذلك لأول مرة منذ تأسيسها قبل أكثر من ربع قرن.
وأبلغت إدارة الصحيفة العاملين فيها أنها تعتزم التوقف عن الطباعة وتسريح عدد آخر من العاملين فيها خلال الأسابيع المقبلة في حال استمرت الأزمة المالية التي تعصف بها، وفي حال تمسكت الحكومة بحجب إعلانات المحاكم والقضاء عن الصحيفة، وهي الإعـلانات التي كانت تشكل مصدراً مهماً للدخل المالي.
ونشرت «السبيل» مقالاً لافتاً ومفاجئاً الأسبوع الماضي بقلم أحد المسؤولين في الصحيفة أعلنت فيه صراحة ولأول مرة أنها تتجه للإغلاق الكامل وأنها تمر بأزمة مالية اضطرتها لتسريح عدد من العاملين فيها.
وجاء في المقال الذي حمل عنوان «السبيل مرة أخرى وأخيرة»: «نحن في صحيفة «السبيل» وفي موقعها الإلكتروني نمر بوضع دقيق، شأن بقية الصحف اليومية الأخرى التي تواجه تحديات وأوضاعا ليست سهلة».
وأضافت الصحيفة في المقال الذي يشبه افتتاحية فريدة لها: «نحن في «السبيل» صحيفة وطنية نحاول الصمود في مواجهة التحديات، وذلك لا يتأتى إلا من خلال الإيرادات التي تأتي من خلال الإعلانات التي أصبحت شحيحة وتوزع بطريقة غير عادلة تحرم» السبيل» منها دون سبب واضح، وحرمنا بشكل كامل مع بداية هذا العام من الإعلانات القضائية التي أصبحت توفر لبعض الصحف دخلا شهريا يصل إلى 70 ألف دينار، وكان من الممكن لو حققت «السبيل» ثلث هذا المبلغ أن تقف على قدميها وأن تتقدم».
وأضافت: «أمام الحصار والانتقام والاتهامات والحرمان وجدت «السبيل» نفسها أمام أسوأ قرار من الممكن أن يتخذه أي مسؤول أو إدارة، وهو الاستغناء عن بعض الموظفين والمتعاونين والكتاب، وبعض الخطوات الضرورية جدا حتى لا تلجأ إلى حلّ أكثر إيلاماً».
إلى ذلك، فقد علمت «القدس العربي» أن صحيفتين يوميتين أخريين تواجهان ظروفاً صعبة مشابهة، حيث اضطرت صحيفة كبرى إلى الاستغناء عن عدد كبير من العاملين فيها بمن فيهم صحافيون، كما قدمت عرضاً تشجيعياً لموظفيها بأن من يستقيل طوعاً يحصل على مكافأة مالية تعويضية ضخمة، وهو ما دفع عدداً آخر إلى الاستقالة من تلقاء نفسه.
وكانت جريدة «الديار» اليومية في الأردن قد قررت التوقف عن الصدور قبل عدة شهور وذلك احتجاجاً على القانون الذي يحرمها من الإعلانات القضائية، فيما تواجه جريدة «الدستور» وهي الأقدم في البلاد أزمة مالية منذ سنوات اضطرتها هي الأخرى إلى تقليص النفقات والاستغناء عن عدد من الموظفين.
يشار إلى أن الأردن يشهد طفرة واسعة في صحافة الانترنت جعلت الكثير من الإعلانات تتجه إلى المواقع الالكترونية، فضلاً عن طفرة أخرى في شبكات التواصل الاجتماعي وانتشاراً واسعاً لها يدفع معلنين آخرين إلى تفضيلها عن الإعلانات التقليدية.