يجب أن تضمن الحكومة تدفق المعلومات لا حجبها

يجب أن تضمن الحكومة تدفق المعلومات لا حجبها
الرابط المختصر

على الرغم من أن الأردن كان أول دولة عربية تسن قانون الحق الوصول إلى المعلومات في عام 2007، ورغم ان الاردن كان أول دولة عربية تنضم إلى شراكة الحكومة المفتوحة عام 2011، إلا أن معظم الوزارات الاردنية ليست شفافة تماماً وتعطل تدفق المعلومات بدل من توفيرها.

 

 

فالواقع المرير ان التدفق الحر للمعلومات أصبح الاستثناء وليس القاعدة.  ولا يزال باستطاعة المرء الحصول على أي شيء تقريباً يحتاج إليه من خلال الاتصالات الشخصية مع مسؤولين رفيعي المستوى بدلاً من تقديم طلب رسمياً.

 

 

أي طلب رسمي مبني على الحق الذي يمنحه قانون الوصول إلى المعلومات قد لا يوفر تلك المعلومات إذا قرر المستشار القانوني في وزارة معينة بأن المعلومات التي يتم طلبها ينبغي أن تبقى سرية.

 

 

المعلومات التي يتم حجبها قد تكون معلومات عامة عادية مثل ما هو عدد الذكور والإناث العاملين في وزارة معينة أو عدد النساء في مواقع مدير أو مدير عام، أو ما هي أسماء الشركات التي حصلت على مناقصات وزارية؟

 

 

علماً أن المناقصات التي تزيد قيمتها عن 250,000 دينار أردني يجب من الناحية القانونية، أن يتم الإعلان عنها، ويجب رفعها على الانترنت لكي يراها الجميع وهي فعلاً متوفرة على موقع حكومي.

 

 

ومن المفارقات، فإن العديد من الوثائق التي تمتنع المؤسسات الحكومية الأردنية عن إعطائها لأسباب مختلفة يمكن أن يجدها المرء على المواقع الإلكترونية للبنك الدولي أو للصندوق النقد الدولي كجزء من التقارير المتعلقة بالأردن.

 

 

المفارقة الأخرى هي أن كل وزارة تعمل على حدة.  وهكذا فإنه يمكن للمرء أن يحصل على المعلومات المطلوبة من وزارة معينة بينما يتم رفض نفس طبيعة المعلومة من قبل وزارة أخرى.

 

 

لا توجد مبادئ توجيهية عامة لجميع الوزارات، وعلى الرغم من طلبات متكررة من المجتمع المدني  لرئيس الوزراء لدعوة جميع الوزارات إلى الشفافية، فإن هذا لم يحدث، مما يسمح للوزراء أن يتصرفوا كما يحلو لهم.

 

 

إذا اصطدم طلب الحصول على معلومات ب "مستشارين قانونيين" معيقين، فإن القانون الحالي يسمح بتقديم شكوى إلى مجلس المعلومات، الذي من المفترض أن يحكم على ما إذا كان الطلب شرعياً أم لا.  وإذا كان أحدهم غير راضٍ عن الحكم الصادر عن مجلس المعلومات، يمكنه أن يلجأ إلى المحكمة.

 

 

المشكلة مع مجلس المعلومات تكمن في طريقة تشكيله وفي طريقة عمله.

 

 

يرأس المجلس وزير الثقافة، ويشمل رئيس المكتبة الوطنية، وممثلاً عن كل من وزارتي العدل والداخلية، وممثلاً عن التوجيه العسكري.

 

 

المنصب الوحيد الذي بقي لمؤسسة غير حكومية هو للمركز الوطني لحقوق الإنسان.

 

 

خلال رئاسة عبد الله النسور، لم تحضر وزيرة الثقافة لانا مامكيغ أية جلسة.

 

 

وعندما سئلت حول هذا الأمر، أجابت بأنها وزيرة ثقافة وتهتم بالأمور الثقافية وهي لا تشعر أنه يجب أن تتناول القضايا المتعلقة بالمعلومات!!

 

 

موسى بريزات، مدير مركز حقوق الإنسان، لم يحضر هو أيضاً أية جلسة، لأنه يشعر أن المركز يجب أن يبقى محايداً ولا يدعم أي طرف.

 

 

ونتيجة لذلك، فإن الشخصين المحتملين اللذين يمكنهما أن يوفرا توازناً طفيفاً على عمل مجلس المعلومات غالباً ما يكونان غائبين، تاركين المسؤولين الأمنيين وممثلي وزارة الداخلية يأخذون قرارات تكون عادة مخالفة لمبدأ ضرورة تدفق المعلومات.

 

 

تضارب المصالح هو مشكلة أخرى لم يتم تناولها في هذا المجلس.

 

 

رفض ممثلو الوزارات مؤخراً طلباً للصحفي مصعب الشوابكة من راديو البلد قدمه إلى وزارة العدل ووزارات أخرى للحصول على أسماء الشركات التي فازت بالمناقصات الخاصة  بالوزارات. ولكن هل يعقل ان تقوم وزارة ما باتخاذ قرار يخصها؟ فلماذا لم يتم انسحاب ممثل وزارة العدل عند مناقشة الطلب من وزارته بتقديم المعلومات غير الحساسة حول من حصل على عطاءات لوزارته ؟

 

 

طبعاً حجب المعلومات يبدو أكثر سواء في ظل انضمام الأردن لمشروع الشراكة الحكومية الشفافة open government partnership.

 

 

حين  أن قانون الوصول إلى المعلومات يتطلب شخصاً ذا مصلحة يسأل عن معلومات، فإن الشراكة الحكومية المفتوحة تعمل على نموذج مختلف تماماً.

 

 

الشراكة الحكومية الشفافة تفترض أن القانون يقضي بالتدفق الطوعي للمعلومات، بدلاً من حجبها، ويطلب من المؤسسات الحكومية أن تساهم في تسهيل نشر المعلومات بصورة طواعية وبانتظام وبدون ان يتقدم أحد بطلبها .

الحكومة، ومن خلال وزارة التخطيط والتعاون الدولي، تقود الجهود لضمان الامتثال بالمبادئ الأساسية لهذا الالتزام  الدولي الذي قطعته الاردن على نفسها.

 

 

ولكن حتى مع هذه الشراكة فإن النتائج ليست إيجابية للغاية.  لا تزال المؤسسات الحكومية مترددة في تدفق المعلومات ويجب دائماً حثها على القيام بذلك.

 

 

في الآونة الأخيرة، نظمت وزارة التخطيط لقاءات مع منظمات المجتمع المدني الأردنية للإستماع لمساهماتهم في خطة عمل جديدة تقترحها الوزارة، من شأنها أن تساعد على زيادة تدفق المعلومات.

 

 

ولكن حتى وزارة التخطيط نفسها لم تكن مستعدة لتوفير المعلومات بشأن مناقصات الوزارة والتي تقل عن 250 الف دينار.

 

 

إن سن قوانين الشفافية والانضمام للشراكات الدولية المرموقة يتم تطبيقها عادة بهدف تقديم صورة إيجابية عن الحكومة، على أمل أن يؤدي ذلك إلى تحسين تصنيف البلد في مؤشرات الشفافية العالمية.

 

 

إلا أن الحقيقة هي أن المثل العليا في موضوع تدفق المعلومات التي تم الإعلان عنها عند تشريع هذه القوانين والشراكات نادراً ما ترجمت إلى ممارسة عملية.

 

 

الجهود الرامية إلى تغيير السيطرة على المعلومات المتحفظ عليها تتطلب إرادة سياسية وتذكير دائم من قبل كبار المسؤولين بالحاجة إلى الشفافية والانفتاح حول ما تقوم به الحكومة.

 

 

مصطلح "خادم المصلحة العامة" يذكرنا جميعاً بأن المسؤولين الحكوميين هم  حقيقة موظفون في خدمة المواطنين الذين تضمن ضرائبهم دفع رواتب موظفي الدولة.

 

 

ولغاية أن يفهم موظفو الخدمة العامة أنهم مضطرون إلى الاستجابة لطلب المواطنين للحصول على المعلومات، فإننا نستمر في تضييع وقتنا وجهودنا في الإصلاح والشفافية.

 

 

يجب على حكومة الدكتور هاني الملقي، التي تسعى إلى الحصول على تصويت الثقة من البرلمان ال18، أن تتذكر أن الثقة في الحكومة هي طريق ذو اتجاهين.

أضف تعليقك