في الركبان ... أنين لا يسمعه سوى الأمهات
يكاد لا يتوقف صوتها عبر "الواتس أب"، في رسالة صوتيّة أرسلتها تستنجد لإنقاذ طفلها الذي تراه أمام عيّنيها كل يوم، في أنين يزداد مع مرور الوقت دون علاج له وقد يؤدي إلى تلف الكلى.
سهيلة اللاجئة السورية في الركبان على الحدود الشمالية الشرقية مع الأردن؛ لم تتوقف عن الأمل أو رجاء دخول طفلها الذي لم يبلغ الثلاثة أعوام من عمره ويعاني من كتله في بطنه تتسع وتكبر مع الوقت، هو أنين الأم اللاجئة السورية في خضم صراع سياسي ارتقى "لسياسة عقاب جماعي" يذهب ضحيتها اللاجئين الأبرياء فقط وغالبيتهم النساء والأطفال.
"قلبي عم يحترق بس بدي أفوت أعمل العملية لابني وطلعوني على الركبان... الله يخليكي لأهلك إذا بطلع بإيدك مشان الله ساعديني بس مشان افوت واعمل العملية لابني... إذا بنت انتي اعتبريه أخوكي وإذا أم اعتبريه ابنك.. أنا أم بتعرفي شو الأم"، نعم إنها سهيلة تستنجد لدخول طفلها محاولة أن تحرك إنسانيتنا بأنها "أم" تحاول مساواة ألمها وأنينها مع شعور الأمومة لدينا؛ فهي تعلم تماماً أنه لن يشعر بما تشعره سوى الأم المتعطشة لعلاج طفلها ورؤيته في صحة وأمن وسلام.
لكن أعذرينا يا سهيلة، فلم يتبقى من مشاعر لدينا تساعدنا على اتخاذ أي سلوك فعلي على أرض الواقع؛ ماذا أقول لها! هكذا تساءلت، فأنا أعلم جيداً أن لا بصيص أمل بدخول طفلها سوى بالضغط الدولي فقط، لكن عن أي ضغط نتحدث وتوراد الأحداث والمتغيرات السياسية المحلية والعربية وحتى الدولية جعلت من المطالبة بدخول طفلها صيحة تعلو فقط لدى بعض من يحافظ على انسانيته فقط.
ورغم أن تقرير منظمة العفو الدولية في أيلول الماضي أشار بشكل واضح بأن أشخاص محاصرين ماتوا بسبب أمراض يمكن شفاؤها لعدم السماح لهم بالدخول للأردن؛ محذراً من خطورة استمرار إغلاق الحدود أمام ما يقارب 75 ألف لاجئ في الركبان؛ إلا أن حالات الوفيات بين الأطفال خاصة ما زالت ترتفع دون أي استجابة محلية أو عربية أو حتى دولية.
وبما أن سهيلة ليست اللاجئة الوحيدة في الركبان التي ما زالت تنتظر بصيص أمل فقط في علاج طفلها؛ فهذا يعني أننا بشكل وبآخر نساهم في تنفيذ سياسة "عقاب جماعي" يذهب ضحيتها فقط هؤلاء الأبرياء، دون تحريك أي ساكن.
سهيلة وغيرها من اللاجئين ضحايا الثورة السورية، هربوا من دماء وقتل، باحثين عن السلام والأمن الذي نسعى له نحن في الأردن؛ هكذا اعتقدوا أن الحدود لن تغلق أمامهم في ضوء مآساة انسانية ومجازر في سوريا، اعتقدوا أن الحدود ستفتح لأطفالهم لينعموا في سلام مجدد بعد فقدانه في دولتهم، فماذا فعلنا نحن!
نعم يبدو أننا الآن نقف على مجزرة سيذهب ضحيتها المزيد من الأبرياء في ضوء تقاعس المجتمع الدولي والمنظمات الدولية الانسانية وإغلاق الحدود أمامهم ليبقوا فريسة تجار حرب أو فريسة لأمراض تفتك بهم لتسقطهم ضحايا، فكفانا تهاوناً وتلويث أيادينا بدماءهم، ولنصرخ عالياً لإنقاذهم #أنقذوا_الركبان.