فركوح يترجم أوستر ويلينيك وكونديرا وغويتسلو

فركوح يترجم أوستر ويلينيك وكونديرا وغويتسلو
الرابط المختصر

يحاول الياس فركوح في كتابه المُترجم الكاتب علامة سؤال رأوا ولم يصمتوا تسليط الضوء على مجموعة من الكتاب الغربيين من ثماني جنسيات مختلفة, وطرح تساؤل حول دور المثقف الكاتب والمثقفة الكاتبة في ظل العنجهية الأمريكية والأزمة الاقتصادية.
يتساءل فركوح في مقدمة الكتاب الذي يقع في 200 صفحة من القطع المتوسط عن المستفيد من هذه الحوارات والسجال بين شخصين. الحوارات بدأت مع الكاتب الامريكي بول اوستر الذي اكتسب شهرة واسعة بعد كتابة اختراع العزلة و ثلاثية نيويورك, وأجرى الحوار ديفيد كوهين متميزاً بلغته والادبية الرفيعة منطلقا من آخر أعمال اوستر حماقات بروكلين, ولا نجد صيغة سؤال وجواب بل أشبه بقصة يرويها كوهين.
الحوار تناول أفكار اوستر والملهمين في مسيرته الأدبية, إضافة إلى الحديث عن نص سينمائي يكتبه للمخرج باتريك ليكونت يتناول تجربة سائق مصري يعيش في منهاتن في وقت قادت الولايات المتحدة غزو العراق, ويصف أوستر النص بأنه عمل سياسي صريح جدا, معتبرا أن الحروب التي تخوضها امريكا ومعتقل غوانتانامو تشكل أسوأ ما قامت به على الاطلاق. والقارئ للحوار يجد حواراً متميزاً بلغة وأدوات متميزة تبعها اقتباسات لاوستر.
الحوار الثاني في الكتاب مع الروائية البريطانية مارغريت درابل التي تستمد موضوعاتها من الحركة النسوية المتنامية في منتصف القرن العشرين, حيث تعدّ ضمن أكثر المؤلفين البريطانيين الذائعي الصيت لفترة ما بعد الحرب.
بعد مقدمة عن درابل يبدأ الحوار الذي أجرته مجموعة من أساتذة قسم اللغة الانجليزية في جامعة كاميرون اوكلاهوما لصالح مجلة اوكلاهوما ريفر. الحوار جاء طويلاَ واتسم بأسئلة متخصصة حول كتاباتها والأدب النسوي ونظرتها للتغير الاجتماعي والعولمة والانترنت وطريقتها في الكتابة وتأثرها بالكتاب والروائيين وبحثها عن الجديد.
فركوح أضاف إلى الحوار مقالا لمارغريت نشر في صحيفة ديلي تلغراف عام 2003 حول الحرب الأمريكية على العراق عنونته أنا أشمئز من أمريكا, حيث أوضحت فيه أسباب كرهها لأمريكا وقالت فيه إني بالكاد أستطيع تحمل رؤية وجهي بوش ورامسفيلد, أو مشاهدة لغة جسمهما في وقفتهما, او سماع تفاهاتهما المبتذلة الراضية عن النفس المتفككة والمتناقضة, عملت الصحافة الليبرالية هنا(بريطانيا) كل ما في وسعها لتظهرهما كغبيين.
وتضيف أمقت الامبريالية الامريكية, وتأخر البلوغ الامريكي, والافتخار الامريكي بانتصارات لم تنجز حقا.
وختمت مقالها أكره الشعور بهذه الكراهية. ينبغي عليّ تذكير نفسي باستمرار لو أن بوش لم ينتخب (بهذا الانحراف), لما كنا هنا, وما كان شيء مما حدث قد حدث. هنالك أمريكا أخرى. فتلعش أمريكا الأخرى, ولتمض هذه بعيدا وليكن زوالها قريبا.
في هذا المقال نجد المغزى من ترجمة هذه الحوارات وهي ايضاح وجه نظر أخرى للمثقفين في الجانب الآخر من العالم.
الحوار الثالث مع دبليوجي سيبالد, وهو كاتب ألماني يحتقر صناعة الهولوكوست وما يتصل بها كثقافة رسمية تتصف بالحداد وعملية التذكر, كما لا يستسيغ الشعور بالراحة الناتج عن التصوير العاطفي للاحدث الرهيبة.
الحديث عن سيبالد من خلال مقالات لكتاب في صحيفة الغارديان للكاتب ايريك هومبرغر, ونيويورك تايمز للكاتب مارجو جيفرسون تبعه حوار ماياجاغي نشر في صحيفة الغارديان وذلك بعد وفاة سيبالد في حادث سير, الحوار قصير ومختزل بدأ بالحديث عن حياته ونشأته وتأثيرها على كتاباته.
الكاتب الاسباني خوان غويتسولو, الذي عرف في حياته تجارب متعددة تركت بداخله علامات عميقة من الحرب الأهلية الأسبانية وانتصار فرانكو في الحرب وموت أمه في غارة جوية ليصبح رجلاً يمثل كل شيء يتناقض مع ثقافة البلد الرسمية التي وصفها بأنها طفيلية يتعذر تغييرها, متفسخة, وفارغة.
وفي حوار لبيتر بروش مع غويتسولو الذي يعيش في مراكش يسأله فيه عن تأثير الحرب الأهلية على حياته وعلى حياته في باريس وتأثير مدينة مراكش, خاصة العيش بالقرب من جامع الفنا الذي يجاوره الحكاؤون الذين يروون الحكايات وقد قام غويتسولو بكتابة إحداها في حديقة الأسرار وتمت إعادة حكايتها في الساحة, وقد دفعه هذا الامر الى لعب دور قيادي في جمعية الدفاع وحلتها للحفاظ على الثقافات الشفهية لدى اليونسكو وتم ضم الساحة وحكائيها كجزء من الإرث الشفهي للإنسان.
كما تحدث خوان حول تأثير العيش بعيداً عن اسبانيا في إظهار الموروث العربي فيها حيث يعمل التفكير الاسباني المحافظ على طمس ثقافة البلد التي صنعها العرب واليهود الاسبان, وربما تكون الاسبانية لغة لاتينية جديدة, لكن هنالك أكثر من أربعة آلاف كلمة اسبانية مستقاة من اللغة العربية.
الحوارات الأخرى التي ضمها الكتاب كانت مع مارلين فرنتش وهي كاتبة أمريكية اشتهرت برواياتها النسوية, إذ أبرزت أفكارها التي تساند المراة وتنتقد فيها المجتمع الذكوري, وقد عرفت فرنتش من خلال روايتها الأشهر غرفة النساء واعتبرت من النساء الأخطر في العالم ولقبت ب¯ الكاتبة وبيدها الكلاشينكوف.
وفي حوار أجري عام 1985 مع الكاتب التشيكي ميلان كونديرا يركز فيه على حياته في فرنسا وكتابه رواياته بالتشيكية لارتباطها بخياله وتجارب حياته, اضافة إلى تأثير الأدب الروسي عليه, والعاطفة تجاه والده, ووجود الأطفال في رواياته, وتأثير اليمين واليسار والظلم والاضطهاد الذي يمنح الفن والأدب جدية وحيوية, معتبرا أن أوروبا الوسطى هي مختبر  استثنائي ومذهل للتاريخ الذي عاشته من سقوط امبراطوريات وولادة أمم صغيرة وفاشية وغيرها الكثير, لكن ما يصيبة بالذهول هو انسجام الناس وتكيفهم مع الوضع.
الروائية الكندية نانسي هيوستن والشاعرة والكاتبة النمساوية الفريده يلينك كانت في ختام الكتاب, هيوستن تعيش في فرنسا وتكتب باللغتين الفرنسية والانجليزية وحققت في روايتها خطوط التصدع نجاحا كبيرا اذ ترجمت لاكثر من 20 لغة, والكتاب احتوى حوارين لهيوستن تحدثت فيهما عن أعمالها وتأثير حياتها وتجاربها على روايتها وكتابتها بلغتين, وعدّت نفسها في وضعية إنكار ورفض لجذوري. لا طفولة, لا أم, لا مشكلات, ولقد نجح الأمر معي لعدة سنوات ثم ما لبث أن توقف.
وبعد إصابة هيوستن بمرض في الحبل الشوكي وتعافيها منه عادت إلى اكتشاف لغتها الأم وترجمة أعمالها إلى الانجليزية.
وتركز الحوار الثاني على اللغة وحياتها الشخصية, وعلى رفضها لنشر أعمالها في الولايات المتحدة الأمريكية, فتقول ربما يكون السبب في ذلك ما يتصل بالحد السياسي.
الفريده يلينيك الشاعرة والكاتبة النمساوية, والحائزة على جائزة نوبل للأدب لعام 2004 تحدثت في حوارها عن عملها الأدبي عازفة البيانو الذي تم تحويله إلى فيلم سينمائي, وفي حوار ثانٍ معها أتى الحديث عنها ككاتبة والمؤثرين فيها وفوزها بجائزة نوبل ودور الانترنت عليها, اضافة الى أكثر المسائل الاجتماعية ضغطا والحاحا في المجتمع الغربي وهي العزلة على حد قولها, الحوار الثالث مع الفريده تناول رحلتها الطويلة في الكتابة واعتبارها من اكثر الكتاب النمساويين الذين عبروا عن وجهات نظر قوية بخصوص النظام الاجتماعي والسياسي, وكذلك دورها في رفع الظلم عن النساء, ودورها في الحزب الشيوعي.
وتعتقد الفريده أن جائزة نوبل قد لا تغير شيئاً من واقع الامر حيث أن رأي المراة لم يكن محل تقدير حقيقي وجاد في أي وقت, ليأتي الحوار الأخير سريعا حول جائزة نوبل وأفكارها حول أوروبا وبلدها النمسا.

أضف تعليقك