حكومات تشجع التطرف
عقد اجتماعي ينظم العلاقة بين الحاكم والمحكوم. والدستور الاردني هو العقد المنظم لهذه العلاقة. والذي لا يجيز ولا يجوز للسلطات التنفيذية والتشريعية ان تتجاوزه, باي حال من الاحوال, والا فان الدستور يفقد فلسفة وجوده. وتسقط بذلك الثقة بين طرفي المعادلة.
الدستور الاردني كفل للمواطنين حقوقا اوجب بذلك على السلطة التنفيذية والسلطة التشريعية ان لا يصدر عنها او عن احديها اي قرار او تشريع لا يحقق ويكفل هذه الحقوق. اضافة الى الحقوق الاساسية التي كفلتها العهود والمواثيق الدولية التي صادق عليها الاردن وتم نشرها في الجريدة الرسمية منذ حزيران .
2006
ومن الحقوق التي كفلها الدستور في مواده المختلفة ضمان والحفاظ على السلم الاجتماعي, وكفالة الدولة للعمل والتعليم والطمأنينه وتكافؤ الفرص, وحرية الرأي وحرية الصحافة ووسائل الاعلام, وحق الاجتماع والحق في تأليف الجمعيات والنقابات والاحزاب السياسية وعلى كفالة الحق في العمل لجميع المواطنين من خلال توجيه الاقتصاد الوطني والنهوض
به. كما اوجب على الحكومة ان تاخذ في فرض الضرائب بمبدأ التكليف التصاعدي بحيث لا تتجاوز مقدرة المكلفين على الاداء وحاجة الدولة الى المال.
بناء على ما تقدم وبقراءه لسياسات الحكومات المتعاقبه وصولا الى الحكومة الحالية برئاسة د. هاني الملقي الذي حظيت حكومته بثقة عاليه من مجلس النواب والان هي بصدد الحصول على ثقة مجلس الامة بشقيه النواب والاعيان على مشروع قانون الموازنة العامة, الذي يعكس استراتيجية وسياسة الدولة فيما يتعلق بتسيير شؤون الدولة.
هذه الموازنة التي تعني الاعتداء القانوني على جيب المواطن, الذي اصلا لم يعد في جيبه ما يكفي بتامين الحدود الدنيا من الحد الادنى للعيش الكريم, وخاصة في ظل الانكماش الاقتصادي الذي تخفيف بوطننا ونتيجة لسلسلة رفع الضرائب والرسوم يحقق المديونية وتقليص العجز المالي.
وعلى الرغم من ذلك لم نجد الحكومة بوضع استراتيجية منهجيه تحاز على ثقة غالبية الشعب تهدف الى بناء اقتصاد انتاجي يحقق الهدف المنشود من نحو مقبول ولتخفيض نسبة البطالة والبطالة المقنعه والفقر والفقر المدقع.
كما ان الحكومات المتعاقبة تجاهلت كما تتجاهل الحكومة الحالية محاربة الفساد هذه الافة التي لم يخلو كتاب تكليف ملكي دون التاكيد على ضرورة معالجتها, كما يتم التجاهل دوما على اهمية تحصيل الضرائب المستحقة وخاصة على كبار الرأسماليين والمتنفذين, اضف الى ذلك عدم نجاح الحكومات »على فرض توفير نوايا« بمحاربة التهريب باشكاله.
وقد اطلت علينا الحكومة عبر تصريحات وزير المالية عن توجهات الحكومة بفرض مزيد من الرسوم والضرائب على الشكل التالي:
اولا: الغاء الاعفاءات الواردة بقانون ضريبة المبيعات
ثانيا: رفع رسوم بعض الخدمات كرسوم جوازات السفر ووثائق اخرى
ثالثا: رفع الرسوم الجمركية
رابعا: فرض ضريبة خاصة على كل لتر من المشتقات النفطية
خامسا: رفع الدعم عن اسطوانة الغاز
سادسا: تخفيض الانفاق الحكومي على القطاع الصحي
سابعا: ربط اسعار الكهرباء بالسعر العالمي للنفط (بدء تطبيقه منذ بداية الشهر) ولنقرأ سويا ماذا تحمل هذه العناوين من معطيات تنعكس سلبا على حياة الغالبية العظمى من الشعب الاردني:
قانون ضريبة المبيعات:
من حيث المبدأ فان قانون ضريبة المبعيات تناقض مع المادة 11 من الدستور التي اوجبت على الحكومة الاخذ بمبدأ التكليف التصاعدي بحيث لا تتجاوز مقدرة المكلفين. وهذا يعني ان القانون لا دستوري يوجب الغاءه او تعديله بما ويتفق مع الدستور.
وقبل البدء بقراءة التوجه لالغاء ما يسمى الاعفاءات الوارده في القانون , هناك سؤال يتردد دوما في اذهان قطاعات واسعة من المواطنين, هل فعلا ان المواطن يدفع فقط 16% ضريبة مبيعات., ام ان هناك مراحل سابقة متعدده تسبق المرحلة النهائية للمستهلك الذي يدفع على 16% بينما في واقع الامر ان ضريبة المبيعات بشكلها الحالي تصل الى حوال 35% الى 55% حسب عدد المحطات التي تمر بها السلعة من المستورد الاول وصولا الى المستهلك.
واذا ما بقيت القراءه لمستوى الدخل للقوى العاملة على ما هي اي ان حوالي 89% من القوى العاملة يقل دخلها عن ستمائة دينار, فهذا يعني ان هذه النسبة هي اما انها على مستوى خط الفقر او دونه, فماذا سيحل بحال هذه النسبة في حال ما تطلق عليه الحكومة بتوحيد ضريبة المبيعات, الذي بشرت الشعب بها غد 12% سابقا ورفعها بالموازنة الى 16%?!
اذن فالاستنتاج ان الحكومكة ماضية لتحويل حوالي 89% من القوى العاملة الى مستوى الفقر المدقع.
رقع رسوم الخدمات: لماذا تلجأ الحكمومة الى مضاعفة رسوم جوازات السفر ومضاعفة عدة مرات »حسبما يشاع« لرسوم الهوية الشخصية ورسوم رخص السوق وغيرها. فهل يعني ذلك غير ان سلسلة تشليح المواطن من جيوبه ماضية دون دراسة تاثير ذلك على الامن والسلم الاجتماعي. وبينما الاصل ان تكون هذه الرسوم رمزية بحيث لا تشكل اي عبء على كاهل المواطنين وحتى يمكنهم من تجديد او الحصول على الوثائق دون تاخير.
ضريبة خاصة على المشتقات النفطية:
جميع المتابعين من قوى سياسية ومجتمع مدني وفعاليات ثقافية واجتماعية والاعلاميين وباحثين يعلمون علم اليقين ان الاسعار الحالية للمشتقات النفطية مبالغ بها ومرتفعه نسبة كبيرة عن الاسعار العالمية, اي ان الحكومة تدر دخلا كبيرا من وراء هذه الضرائب الخاصة على المشتقات النفطية, عدا عن ان تقييم السعر العالمي لخام برنت, بينما يقول مختصون ان ما يستخدم بالمصفاه هو الخام الثقيل وهو ارخص بكثير من اسعار خام برنت.
كما اننا نذكر الحكومة الحالية بانها قد فرضت رسوم خاصة بلغت 25 فلس على كل لتر لتتجنب رفع سعر 91 سلعة كما قالت.
ولكن السؤال المهم هو الا تدرك الحكومة ومطبخها الاقتصادي والسياسي بان رفع اسعار النفط تنعكس على كافة متحير الحياة وليس فقط على ذات السلعه
رقع الرسوم الجمركية:
عند الحديث عن الرسوم الجمركيه والتي ويرافقها ضريبة ال¯16% واحيانا ضريبة خاصة على قيمة الواردات من المنشأ مضاف اليها الرسوم الجمركية فهذا يعني ان الرسوم الجمركية والضريبة على الرسوم مبالغ بها خاصة في ظل غياب تشجيع الصناعات المحلية وتحفيز مستوى جودتها حتى تتمكن من المنافسة الحقيقيه.
والاولى للحكومة لرفع رسومها من الواردات ان تلغي كافة القيود المفروضه امام الواردات تحت مسميات مختلفة.
رفع الدعم عن اسطوانة الغاز:
تذاكت الحكومة عندما تحدث وزير المالية عن رفع الدعم لاسطوانة الغاز, وكأن الحكومة تقوم بالفعل بدعمها, متناسيه ما تجنيه من ارباح وضرائب على المشتقات النفطية الاخرى, كما حاول الحكومة ان تتذاكئ بتصريح رئيس الوزراء عن ان سعر اسطوانة الغاز على حاله حاليا, وكانه بذلك يوصي للبرلمان وللشعب ان الحكومة تراجعت وقدمت شيئا.
بينما في واقع الامر ان اسطوانة الغاز (مع معارضتي لرفع سعرها) لا تشكل عبئا كبيرا على مستوى الاسعار لباقي السلع. كما فيما لو تم رفع سعر المشتقات النفطية والكهرباء.
لذا فانني اقول للحكومة ان لعبتكم خاسره ومكشوفه.
الانفاق الحكومي على القطاع الصحي:
صحة المواطن حق اساسي كفلته المواثيق الدولية اضافة الى العقد الاجتماعي فصحة المواطن وحقه الطبيعي بتلقي العلاج واجب على الحكومة. فمفلسفه فرض الضريبة سواء ضريبة الدخل او ضريبة المبيعات او ضرائب غير مباشره هي بالعودة الى مصالح المواطنين كخدمات وعلى راسها الخدمات الصحية والتعليمية. ثم ان الحكومات ومنها الحكومة الحالية بالتوسع ببناء المشافي والمراكز الصحية الشاملة التي لا تستوعب من يؤدها من موظفين حكوميين او من مواطنين.
ثم ان الحكومة من مراقبه اسعار المشافي الخاصة والمبالغه في اسعارها, والاولى من الحكومة ان تحول جميع المشافي الى شركات غير ربحية وكذلك ان الحكومة من مراقبة اسعار الدواء التي يصل كلفته على المواطن اضعاف سعر نفس الدواء بالعطاءات.
اذن واجب الحكومة ان تتوسع بتامين حق العلاج للمواطنين ضمن مقدرتهم والحفاظ على سياسة الديوان الملكي الذي وصفه جلالة الملك بانه بيت جميع الاردنيين. والذي بموجب ذلك يمنح الاعفاء لكل من يؤم الديوان الملكي .
ربط اسعار الكهرباء بالسعر العالمي للنفط
ماذكرته سابقا عن اسعار النفط ينطبق بالتاكيد على سعر الكهرباء وعن سعر النفط المباع لشركة توليد الكهرباء, وهل هو بالسعر العالمي دون ضرائب او رسوم, ثم كم يشكل نسبة سعر الكهرباء للكلفه التشغيلية ولنسبة مساهمة النفط سواء الغاز او غيره من الكلفه العامة لانتاج وتوليد الكهرباء. وندرك جميعا ان سعر الكهرباء سيؤثر سلبا على كلف الانتاج والخدمات وقد عشنا كيف انه عند رفع سعر الكهرباء خلال السنوات الماضية انعكس بنسب اعلى بكثير من الكلفه التشغيلية للكهرباء, استغلها البعض برفع الاسعار. وعدم تخفيضها بعد انخفاض اسعار النفط عالميا.
والمطلوب من الحكومة تشجيع وتسهيل وتامين مصادر الطاقة البديلة ويمكن المواطنين الاستفادة منها دون اي عقبات وما يتطلبه ذلك من الزام شركات الاسكان بتامين الطاقة الشمسيه لمشاريعها.
وبناء على تقدم وبمقارنة للحقوق التي توجب على السلطة التنفيذية والسلطة التشريعية كفاتها للمواطنين. فهل مثل هذه السياسات الوارده بمشروع الموازنه القاضيه بزيادة الايرادات حوالي 450 مليون دينار تكفل هذه الحقوق?
وهل تكفل السلم الاجتماعي وهل تكفل حتى التعليم والصحة, والعمل وحقه بالعمل, وهل لدى الحكومة سياسة واضحة لتوجيه الاقتصاد الوطني والنهوض به?
الجواب بالتاكيد لا فجميع هذه القرارات ستؤدي حتما في حال انفاذها الى زيادة الفقر والفقر المدقع والى ارتفاع نسب البطالة والبطالبة المقنعه والى تفشي جرائم النصب والاحتيال وزيادة جرائم السرقات والاهم من ذلك تشكل البيئه الخصبة للفكر المتطرف والارهابي.
فهل الحكومة تهدف الى ذلك?
المطلوب قيادات كفؤة وجاده ومخلصه تسعى للخروج بالوطن وبالشعب من مازقه, حماية وحرصا على الوطن وامنه واستقراره.