رجل يشهد له بأنه "نزيه بلا ماض"، يواجه إرثا سيئا حفرته في الذاكرة الأردنية حكومات عدة جلست في الدوار الرابع في عمان، مقر رئاسة الحكومة.
يتمتع بخبرة اقتصادية كبيرة، ويقال إنه تشرب الليبرالية أثناء دراسته في الجامعات الأمريكية، على النقيض من والده القيادي والأمين العام لحزب البعث العربي الاشتراكي الراحل، منيف الرزاز، الذي توفي في بغداد، وهو تحت الإقامة الجبرية، قبل أن يدفن في الأردن.
ينخرط في صفوف "التيار المدني"، رغم أنه لا يحمل أي صبغة سياسية أو فكرية.
لا يوجد له أعداء في مؤسسات الدولة، ولا مواقف مسبقة منه، أو من عائلته التي تحظى باحترام لافت مع والده ووالدته وشقيقه الروائي الأردني الراحل مؤنس الرزاز.
كان ثمة ارتياح عام بتكليفه من الملك عبدالله الثاني بتشكيل الحكومة، على وقع مسيرات واعتصامات شهدتها عمان وباقي المدن الأردنية احتجاجا على القرارات سيئة السمعة والصيت لحكومة الدكتور هاني الملقي المستقيلة.
عمر الرزاز، مولود في مدينة السلط عام 1960، ويحمل شهادتي الدكتوراه في التخطيط الحضري والقانون من جامعة "هارفارد"، إضافة إلى درجة الماجستير في التخطيط الحضري والإقليمي من جامعة MT "مونتانا" الأمريكية ، وكان عضوا في حكومة الملقي الذي تمت إقالته على وضع الاحتجاجات.
وشغل الرزاز مناصب اقتصادية حكومية وغير حكومية، أبرزها ترؤسه مجلس إدارة "البنك الأهلي"، وترؤسه مجلس أمناء "صندوق الملك عبدالله للتميز"، و"مجلس أمناء منتدى الاستراتيجيات الأردني".
وكان رئيسا "للجنة تقييم التخاصية في الأردن"، ورئيسا للفريق الفني الأردني لإعداد "الاستراتيجية الوطنية للتشغيل"، ومديرا عاما "للمؤسسة العامة للضمان الاجتماعي".
وعمل أيضا مديرا عاما "للبنك الدولي" في واشنطن وبيروت، وكان عضوا في مجلس أمناء "المركز الوطني لحقوق الإنسان" و"المجلس الاقتصادي والاجتماعي".
وكان آخر منصب له حقيبة وزارة التربية والتعليم في حكومة الملقي.
وعمل الرزاز أستاذا مساعدا في معهد "ماساتشوستس للتكنولوجيا" في برنامج التنمية الدولية، وبرنامج التخطيط الإقليمي، وكذلك عضوا في العديد من مجالس إدارة المنظمات الخاصة والمنظمات غير الربحية، ولديه عدد من المنشورات في المجلات المحكمة.
وهو معارض لإصلاحات السوق الحر التي تضر بالفقراء، ومن المتوقع أن يتبنى نهجا تدريجيا لتغيير السياسات، ورغم ذلك، يقول مسؤولون غربيون إن تعيينه سيبعث برسالة إيجابية إلى المانحين الأجانب، بأن الأردن سيواصل تنفيذ خطة صندوق النقد الدولي للإصلاح على مدى ثلاث سنوات للحد من تصاعد الدين العام.
قد تكون إحدى المشاكل التي ستخرج للرزاز من تحت الطاولة، عدم الانسجام بينه وبين عدد من أعضاء الفريق الاقتصادي المقرب من الديوان الملكي، فالرزاز أقبل من "صندوق الملك عبد الله للتنمية والتشغيل" قبل ثلاثة أعوام من أحد أعضاء الفريق الاقتصادي.
واستطاع الرزاز الذي نجح بهدوء وروية في الولوج إلى أحد الملفات المقلقة في الأردن، وهو ملف الثانوية العامة "التوجيهي"، وأحد اختراقات عديدة في هذا الملف، دفعت طلاب الثانوية العامة إلى تبادل الآراء مع الوزير على مواقع التواصل الاجتماعي وغيرها، حتى إن الطلاب يلقبونه حاليا بـ"عمو عمر" أو "عمو الرزاز".
وأشرف الرزاز خلاله عمله وزيرا للتربية والتعليم على خطط تعديل نظام التعليم التقليدي بالدولة، معتمدا على منح سخية من الولايات المتحدة ودول الغرب.
الزراز الذي بدا بعيدا عن تفاصيل مشروع "قانون معدل لضريبة الدخل" المثير للجدل والغضب محليا، سيكون مطالبا بسحب المشروع من أمام مجلس النواب الذي يحتاج حتى يدخل حيز التنفيذ، إلى مناقشته من البرلمان بشقيه "النواب والأعيان"، كي يرفع إلى الملك بعدها ليصدر عبر مرسوم ملكي، ثم يعلن بالجريدة الرسمية، وبعدها بشهر يصبح قانونا ساري المفعول.
وينص مشروع القانون على معاقبة التهرب الضريبي بفرض غرامات مالية وعقوبات بالسجن، تصل إلى عشر سنوات، وتقليص شريحة الإعفاءات بحيث تشمل معظم أبناء الطبقة الوسطى والفقيرة بشكل مباشر أو غير مباشر.
وبحسب محللين، فقد يكون الرزاز غير مقبول من بعض مؤسسات الدولة العميقة، لأنه لم يخرج من رحمها، إلا أنه يتمتع بنفس طويل، وأفكار إدارية واقتصادية قد تمكنه من الالتفاف على الاحتجاجات الشعبية، دون آمال كبيرة في تجاوز البلاد واقعها الذي تفرضه عليها العديد من التحديات الداخلية والإقليمية.
فالوزراء في الحكومة السابقة، كما قال الملك عبدالله الثاني وفق ما بثه الديوان الملكي، كانوا "نائمين"، ما عدا قلّة منهم.
وقال الملك بلهجة غاضبة ولافتة، إن المرحلة القادمة لن يكون فيها أي تهاون مع الوزراء، مضيفا: "اللي بخبّص لازم نروّحه بنفس اليوم".
وألمح الملك عبدالله إلى نية الاستغناء عن رجالات الدولة ممن كبروا في السن، والإتيان بآخرين في أماكنهم، لا تتجاوز أعمارهم الأربعين والخمسين.
ووفقا للصحافة الغربية ومن بينها صحيفة "تسوريشر تسايتونغ" السويسرية، فإن الرزاز لا يملك وصفة جديدة وجاهزة لإخراج البلاد من الأزمة، ولن يكون ساحرا يخرج عصفورا أو زنبقة او أرنبا من قبعته.
ويجد رئيس الوزراء الجديد عمر الرزاز نفسه في وضعية لا يحسد عليها، وليس أمامه سوى الحوار والوصول إلى تفاهمات وحلول ذكية تخفف من حالة الاحتقان في الشارع، الذي يرفض العودة إلى "بيت الحكومة" من جديد، قبل تحقيق إنجازات على الأرض.
والرزاز قادر على إبقاء باب الحوار مفتوحا في الأردن، مع الشعب، ومع النواب، الذين أصبحوا في مواجهة سهام الشارع، واتهامهم بالضعف والتبعية للحكومة. عربي21