أردنيّون ينفّسون عن غضبهم في غرفة التحطيم

أردنيّون ينفّسون عن غضبهم في غرفة التحطيم

يهوي أحمد (32 عاماً) وزوجته سناء (24 عاماً) بمطارق حديديّة على مجموعة من الأواني الزجاجيّة والأثاث، لتفريغ الشحنات السالبة والضغط التي يتعرّضون إليها في العمل.

وجد الزوجان في غرفة غضب أنشئت حديثاً في الأردن تحت مسمّى "أكس ريج رومز"، مكاناً للتخلّص من غضبهما، واحباطهما، من خلال تحطيم صحون وأكواب وأجهزة كهربائيّة في غرف صمّمت كما لو أنّها داخل المنزل أو داخل مكتب في العمل.

يحاول أحمد أن يهرب من ضغوط الوظيفة والتزامات الحياة اليوميّة بتفريغ الشحنات السالبة من خلال تحطيم أجهزة حاسوب، وزجاج سيّارات وطابعة، داخل غرفة تشبه المكتب في العمل، ويقول لـ"المونيتور" إنّه شعر بالراحة ونفّس عمّا في داخله من غضب بعدما حطّم العديد من الأشياء.

أسّس الغرفة المهندس الأردنيّ علاء الدين العطاري في آذار/مارس الماضي، بعدما شعر بحجم الضغوط الاقتصاديّة وأعباء الحياة التي يعاني منها الأردنيّون، ويقول لـ"المونيتور: "نحن نوفّر للغاضبين حلولاً لتفريغ غضبهم و إحباطهم، من خلال تكسير الأثاث والأواني و الأجهزة الكهربائيّة المعطّلة، من دون أن يشعروا بالندم لتحطيم تلك الأشياء لو كانت في منزلهم".

يحمل العطاري شهادة في الهندسة المدنيّة من الجامعة الهاشميّة، سافر قبل سنتين للعمل في إحدى دول الخليج، إلّا أّنه فكّر في البحث عن تأسيس مشروع والعودة إلى الأردن، ووجد أنّ "غرف الفأس للغضب" سيكون مشروعاً ناجحاً في الأردن، بسبب ما يتعرّض إليه المواطن من ضغوط في الحياة والعمل.

يقول: "اطّلعت على تجارب دول عدّة، ومن بينها غرفة للتحطيم في الإمارات العربيّة المتّحدة، وبعد التفكير ودراسة المشروع لمدّة سنتين، قرّرت أن أفتتح غرفة مطوّرة تضمّ أقساماً خاصّة بالأزواج والموظّفين. توقّعت أن يكون هنالك إقبال، لكن ليس إلى الدرجة الكبيرة التي شهدتها، فعلى الرغم من مرور شهرين على الافتتاح، يزور الغرفة يوميّاً ما يقارب الـ35 شخصاً من أعمار مختلفة، ومن طبقات اجتماعيّة مختلفة، بينهم موظّفون وأزواج وطلّاب جامعات، والملفت أنّ ما نسبته 65% من زوّار الغرفة من الفتيات".

صمّمت الغرفة على شكل منزل يقع تحت الأرض في مجمّع تجاريّ في العاصمة عمّان يضمّ غرفاً داخليّة. وتضمّ "أكس ريج رومز" غرفة مطبخ، وغرفة معيشة، ومكاتب، وتحتوي على أجهزة تلفاز، وحواسيب، وغسّالات، وأوانٍ زجاجيّة، ويسمح للمشارك بأن يحطّم هذه الأشياء خلال ساعة، مقابل تذكرة سعرها 21 دولاراً للفرد، فيما تنخفض إلى 17 دولاراً إذا كانت المجموعة المشاركة تفوق الـ5 أشخاص.

ومن بين الغرف، خصّص العطاري غرفة خاصّة للأزواج الذين يرغبون في إنهاء معاركهم، وهي غرفة كبيرة تضمّ مطبخاً تذهب إليه السيّدة، وغرفة معيشة مفصولة بحاجز زجاجيّ، حيث يمكن لكلّ منهما رمي الأشياء ضدّ بعضهما البعض، ويمكن للأصدقاء والعائلة مشاهدة ذلك من نافذة كبيرة في الخارج وتشجيع الأزواج.

وحسب العطاري، "هنالك إجراءات حماية كافية، حيث يلتزم المشاركون بالتوقيع على تعهّد بالالتزام بشروط السلامة من ارتداء ملابس للحماية وخوذ للرأس وقفّازات وأحذية مضادّة للقطع".

أمّا عن مصدر الأثاث والأواني والأجهزة التي تحطّم، يقول العطاري: "لا نحطّم أجهزة تعمل، نحن نجلب الأثاث والأجهزة الكهربائيّة من الأشياء المستعملة والخردة ومن التالف من خطوط الإنتاج، بعد ذلك يرسل الحطام إلى شركات إعادة التدوير".

لما مهيب (18 عاماً)، أحد الذين زاروا الغرفة، تقول لـ"المونيتور" إنّها جاءت بدافع الفضول وتجربة شيء جديد لتفريغ الطاقات السلبيّة الدفينة لديها، وحسب الشابّة، فهي شعرت بأنّها أفرغت غضبها وضغوط الحياة التي يتعرّض إليها أيضاً الشبابّ الأردنيّ، من خلال تحطيم بضع أوانٍ.

ويعاني الأردنيّون من ظروف اقتصاديّة صعبة، إذ وصلت نسبة البطالة حسب الناطقة باسم الحكومة جمانة غنيمات إلى 18,7%، وسط تسريحات بالجملة لعاملين، إثر إغلاق مصانع وهروب الاستثمارات إلى الخارج.

يرى البروفيسور في علم الاجتماع الذي يدرّس في عدد من الجامعات الأردنيّة حسين الخزاعي في حديث إلى "المونيتور" أنّ "هذه الغرفة وسيلة فعّالة لتفريغ الغضب، ونطلق عليها في علم الاجتماع مسمّى "وسائل السيطرة على الغضب عن طريق التفريغ وإخراج الغضب وعدم إيذاء الآخرين"، وهذا متعارف عليه في أغلب دول أوروبّا واليابان والصين من خلال تحطيم الأواني".

وحسب أستاذ علم الاجتماع، فإنّ مثل هذه الغرفة مهمّة للأردنيّين لتفريغ ما يكبتوه من هموم ومشاعر، سواء في الحياة اليوميّة أم في العمل، خصوصاً عندما يعجز الشخص عن تأمين حاجاته، ممّا يدفعه إلى الشعور بالغضب ويمتلئ بالمشاعر السلبيّة، خصوصاً داخل الأسرة بين الأزواج.

ويقول: "حصلت على دورة أقيمت في الأردن مع منظمّة بلجيكيّة، في كيفيّة التخلّص من الغضب والسيطرة عليه بطرق عدّة، من بينها التفريغ واللامبالاة والاسترخاء، نحن في الأردن، في حاجة إلى تدريب المواطنين على كيفيّة السيطرة على غضبهم".

حتّى مؤسّس الغرفة العطاري يدخل هو وأعضاء فريقه بعد يوم عمل حافل إلى إحدى الغرف، ويقومون بالتفريغ عن غضبهم من خلال تحطيم بضع أوانٍ، ليعودوا في اليوم التالي لاستقبال الأردنيّين الغاضبين بأوانٍ وأثاث تنتظر من يحطّمها.

 

*المونتيور

أضف تعليقك