3 سيناريوهات لردود فعل الشارع على رفع الأسعار

3 سيناريوهات لردود فعل الشارع على رفع الأسعار
الرابط المختصر

كيف سيكون ردّ فعل “الشارع” على قرارات رفع الأسعار التي يتوقع أن تتخذها الحكومة هذا الاسبوع؟ هل تمتلك “مطابخنا” السياسية مؤشرات ما تطمئنها على تحرير “القرار” بأقل ما يمكن من خسائر؟ وهل لدينا ما يلزم من “معلومات” استشعارية تساعدنا على ادارة “الحدث” ومواجهة تداعياته المتوقعة راهناً ومستقبلاً؟.

أعتقد انه من الصعب أن نتنبأ بما يمكن أن يحدث، لكن ثمة انطباعات يمكن الاسترشاد بها لمعرفة المدى الذي سيذهب اليه “الشارع” في التعبير عن “رفضه” لمثل هذه المقررات، أولها يتعلق بمزاج الناس تجاه “حصاد” سنة ونصف من “الدوران” حول مطالب الاصلاح، وهو مزاج مضطرب و”محيّر” حقاً، فثمة انقسام في المجتمع وفي داخل النظام السياسي حول هذا المشروع، وثمة احباط بدأ يتغلغل في “الشارع” تجاه جدية الدولة في التقدم خطوة الى الامام، وفي ضوء هذا المزاج غير المستقر يمكن أن نتوقع خيارين اثنين: احدهما ابتلاع هذه المقررات ومقابلتها بالحدّ الأدنى من الرفض، والآخر مواجهتها بمزيد من الغضب والانفعال وبردود أفعال عشوائية غير محسوبة.

الانطباع الثاني يتعلق “بالنخب” وحراكاتها في الشارع، واعتقد – هنا – أن ردود أفعالها لن يتجاوز ما شهدناه في الشهور الماضية، واذا ما تذكرنا ما فعلته تجاه ملفات اكثر خطورة مثل ملف الفساد وملف الاعتقالات وملف “استفزاز” النواب للناس، فإننا لا نتوقع أن تفعل ما هو اكثر تجاه “رفع الاسعار”، لكن من الواجب أن ننتبه هنا الى أن ابواب هذه الحراكات ستكون مفتوحة امام دخول “مجموعات” اخرى ظلت صامتة، تضيف الى “رصيد” الاحتجاج زخماً اكبر، وهو ما تعوّل عليه الحراكات الشعبية عند قراءتها للمشهد وتعاملها معه.

أما فيما يتعلق “بالحركة” الاسلامية، فقد فهمت من تصريحات بعض قياديها أنها لن تتعامل مع رفع الاسعار بمنطق من “يتلقف” الهدية الحكومية ويستثمرها لصالح رفع سقف المطالب، وانما ستتعامل معها بحسابات سياسية هادئة، لأنها لا تريد – كما فهمت – أن تثير الشارع أو أن تكون مسؤولة عما قد يحدث فيه جراء هذه المقررات.

نحن إذن أمام ثلاث سيناريوهات متوقعة احداها يفترض أن يمتص الشارع “الصدمة” وأن “يكبت” ردود افعاله وأن يتحمل ويصبر سواءً بدافع “الأمل” وانتظار الفرج أو بدافع “الخوف” من الذهاب الى الصدام والفوضى، أو لأسباب اخرى تتعلق بتعامل “الدولة” مع بعض المؤثرين والناشطين والقوى التقليدية لاستمالتها وارضائها واقناعها بضبط ايقاع الشارع.

السيناريو الآخر يبدو مفزعاً وهو أن يتكرر نموذج (89) وعندها سنجد أنفسنا امام ردود تشبه كرة الثلج من حيث تدحرجها وصعوبة السيطرة عليها، وعندها يمكن أن نسأل فقط عن الادوات التي ستستخدمها الدولة في مواجهتها؟ وعن البدائل التي يمكن طرحها للسيطرة على الوضع وتجنب الوصول الى الجدار.

أما السيناريو الاخير فيتعلق بمفهوم الرسالة التي ستلتقطها الحكومة اذا ما نجحت في تمرير هذه المقررات بأقل ما يمكن من ردود “غاضبة”: هل ستحثه الى اتخاذ المزيد من القرارات الصعبة، هل ستلتقي بما قدم من اصلاحات وتشعر “بالارتياح” عند وضع قانون الانتخاب بأي صيغة تريدها؟ اعتقد أن “قرارات” الرفع ستكون بمثابة “جسّ” نبض للشارع، وعلى أساس ردوده وخياراته ستكون الحكومة جاهزة “لإكمال” خطتها وتقديم تصوراتها، لأنها عندئذ ستتعامل مع حراكات شعبية تعمل في الفضاء الافتراضي، ومع مجتمع معطل ومنقسم على نفسه، ونخب تبحث عن “حصتها” في “الكعكة” السياسية، وهذا كله سينعكس سلباً على مشروع الاصلاح وعلى مستقبل الدولة.. وهو على ما يبدو اخطر السيناريوهات واكثرها تشاؤماً.

باختصار، تزعجنا كثيراً مقررات رفع الأسعار في هذه التوقيت، لكن ما يقلقنا اكثر هو “ارتداداتها” التي قد لا يتحملها بلدنا، وقبل ذلك غياب “لواقطنا” عن استقبال ما يصدر عن مجتمعنا من ذبذبات تحذير وصرخات استغاثة، ثم ما يمكن أن تفهمه الحكومات لاحقاً إذا ما ابتلع الناس هذه المقررات وتعاملوا معها بعقلانية اكثر من “عقلانية” من وضعهم في هذه الزاوية الحرجة!.