“بقرة” الإصلاح.. ما لونها!

“بقرة” الإصلاح.. ما لونها!
الرابط المختصر

لا ادري لماذا قفزت الى ذاكرتي قضية "الاصلاح" وأنا اعيد تلاوة الآيات الكريمة في سورة البقرة حول قصة "البقرة" التي دعا سيدنا موسى عليه السلام بني اسرائيل الى ذبحها تقرباً الى الله تعالى.

سؤال قوم موسى عن "البقرة" لا يختلف كثيراً عن سؤالنا حول "الاصلاح"، قالوا: ادع لنا ربك يبين لنا ما هي؟ فلما أجابهم قالوا: ادع لنا ربك يبين لنا ما لونها؟ أجابهم قالوا: ادع لنا ربك يبين لن ما هي (مرّة اخرى) فلما أجابهم تظاهروا بأنهم "فهموا" ما اراده النبي لكنهم لم يفعلوا ما أمرهم به.

في بلادنا ما تزال "بقرة" الاصلاح تتشابه على بعضنا، ثمة من يتساءل عن لونها وثمة من يتساءل عن حجمها وشكلها، وثمة من يتساءل عن مصيرها، ومن الاسف أننا – وسط هذا الاختلاف – لم نحسم أية اجابة، فلا الذين يدعون الى الاصلاح "توحدوا" على وصفه ما تقنع الناس وتبدد هواجسهم ومخاوفهم، ولا الذين "استقبلوا" رسائل الاصلاح استطاعوا ان يفكوا شيفراتها وينفخوا فيها الحياة من جديد.

في هذا الاطار، قصتنا مع "بقرة" الاصلاح واشتباكاتنا حولها، لا تختلف عن قصة "بقرة" قوم سيدنا موسى ومماطلتهم في الانصياع للامر بذبحها، لكن في اطار آخر ثمة تشابه وتطابق يبين "بقرتنا" الاصلاحية و"ناقة" قوم ثمود التي امرهم سيدنا صالح برعايتها والحفاظ عليها وقصص لها "يوماً" تسقى فيه، فما كان من "أشقاهم" الا ان عقرها "قد ورم عليهم ربهم بذنبهم فسواها".

سأترك للقارئ العزيز فهم أسرار هذا القصص القرآني، لكنني لا استطيع أن اتجاوز ما لدينا من "قصص" سياسي، فنحن للاسف ما نزال حائرين في مسألة الاصلاح، وما نزال نتساءل: اي اصلاح نريد؟ وأي "قرابين" يمكن ان نذبحها لتمرير ذلك، وأية "ناقة" اصلاحية مقدسة يجب ان لا نمسها بسوء، واية محاذير وفزاعات تدفعنا الى "الابطاء" في تنفيذ أوامر الاصلاح، وأية مقاصد يمكن ان نتفق عليها وتجعل طريق الاصلاح معبداً كما يجب.. وسهلاً كما نتمنى، ونافذاً الى السلامة لا الى الندامة لا قدر الله.

ثمة مني قول: يا قوم، هذه "ناقة" الاصلاح لكم فيها "آية" فاستثمروا فرصة رعايتها "ولا تمسوها بسوء فيأخذكم عذاب أليم"، وثمة من يقول: يا قوم هذه "بقرة" الاصلاح فتنة فاحذروها، ولا تدعوا الآخرين يستهزؤون بكم لكي يمرروها "فيصيبكم خسران مبين".

لكن بين المنطقين فجوة كبيرة لم تردم بعد، وبين القومين مسافات شاسعة، وبين المرسلين والمستقبلين "لواقط" ما تزال معطلة او مغلقة، فما العمل اذن؟

مرة اخرى سأترك للقارئ العزيز ان يجيب .

الدستور

أضف تعليقك