من يتورط في التلاعب بالانتخابات؟!
تشكل النزاهة التحدي الأكبر للانتخابات النيابية المقبلة. وفي ضوء مقاطعة بعض الأطراف الحزبية فإن نزاهة الانتخابات هى القيمة الوحيدة التي يمكن لها أن تحدث فرقا في موقف الأردنيين من المجلس القادم.
إن الدافع وراء عدم ثقة المواطنين بمجالس نيابية سابقة، قناعتهم بأنها نتاج لعملية انتخابية مزورة، والتفاف على إرادة الناخبين.
وإن حالة الفتور الشعبي حيال الانتخابات المزمعة نهاية العام تعود في جوهرها إلى شكوك الأغلبية بنوايا الدولة في إجراء انتخابات حرة ونزيهة.
تأسيس الهيئة المستقلة للإشراف على الانتخابات منح دعاة الإصلاح الأمل بانتخابات نزيهة، وشجع نحو مليون ونصف مليون من المواطنين على التسجيل للانتخابات، خاصة أن عملية التسجيل لم تشهد تجاوزات كبيرة على غرار ما كان يحصل في دورات سابقة من عمليات تسجيل ونقل جماعيين.
لكن ذلك كله لم يبدد المخاوف من تدخل رسمي في الانتخابات.
أصحاب القرار في الدولة يدركون هذه الحقيقة ويتفهمونها ايضا، فما جرى في انتخابات 2007 و2010 من تجاوزات وانتهاكات لمعايير النزاهة أكبر من أن ينسى، ولايمكن محوه من الذاكرة إلا بتجربة انتخابية جديدة تتمتع بأعلى درجات النزاهة والحيادية.
يدرك أصحاب القرار على أعلى مستوى أن البلاد أمام فرصة لن تتكرر لإجراء انتخابات نزيهة، وبخلاف ذلك فإن أي تلاعب أو تدخل بقصد أو بحسن نية سيقوض مصداقية الدولة إلى الأبد، ويأخذها إلى مصير مجهول.
ولهذه الاعتبارات صدرت توجيهات صارمة لجميع أجهزة الدولة بعدم التدخل في الانتخابات، أو ممارسة أي دور من شأنه التأثير على إرادة الناخبين.
ومن يخالف هذه التوجيهات من المسؤولين سيدفع ثمنا باهظا، ليس أقله "خلعه" من منصبه فورا.
ويؤكد المسؤولون أن اللغط الذي دار مؤخرا حول لقاء غير رسمي جمع نوابا بمسؤول رفيع المستوى لم يكن سوى "اجتهاد خارج النص" لن يتكرر، وربما تترتب عليه إجراءات أشد في الأيام المقبلة.
الهيئة المستقلة تلقت بدورها دعما مطلقا للتصدي لمحاولات التدخل في عملها، وليس مطلوبا من رئيس الهيئة سوى إبلاغ المرجعيات العليا في الدولة عن أي مسؤول يخالف أو يتعدى على القانون لاتخاذ الإجراء بحقه على الفور.
إجراء انتخابات وفق أفضل معايير النزاهة الممكنة سيوفر فرصة لقياس أوزان القوى المشاركة في الانتخابات والمقاطعة أيضا، واتجاهات الرأي العام الحقيقية.
ويتعين على الإسلاميين التفكير بهذه الميزة، فهم ومنذ عشر سنوات تقريبا لم يدخلوا في اختبار عملي لقياس شعبيتهم، فقد قاطعوا انتخابات 2010، أما انتخابات 2007 فلا يمكن اعتماد نتائجها كمعيار لشعبيتهم نظرا لعمليات التزوير الواسعة التي استهدفت مرشحيهم بالدرجة الأولى.
الانتخابات المقبلة محطة مهمة لاختبار القوة على الأرض، والقائمة الانتخابية على مستوى الوطن أداة مثالية لقياس شعبية القوى المنظمة كالحركة الاسلامية.
هذا على فرض نزاهة الانتخابات الموعودة.
الغد