يورو نيابي
قبل اسابيع سافر وفد نيابي الى المغرب للمشاركة في احتفال نيابي مغربي،لليلة واحدة،وحتى الان القصة مفهومة ومقبولة،في سياق العلاقات البرلمانية.
هذا ليس مهما،وماهو اهم،ان الوفد النيابي ولأن لا خطاً مباشراً بين الرباط وعمان،اضطر ان يسافر الى عاصمة اوروبية،ومنها الى الرباط،وبدلا من ان يقضي الوفد عدة ساعات في المطار الاوروبي،باتجاه الرباط،ناموا ليلتين في العاصمة الاوروبية في رحلة الذهاب،ثم ناموا ليلتين في رحلة الاياب.
نوابنا امضوا اربعة ليالي في تلك العاصمة الاوروبية على نفقة الخزينة العامة،من اجل المشاركة في احتفال في المغرب،لليلة واحدة فقط.
كلفة الليلة في العاصمة الاوروبية،كانت وفقا لمعلوماتي خمسمائة وخمسين يورو،لليلة الواحدة للنائب الواحد-يابلاش- هذا عدا عن المصاريف الاخرى،والنواب الذين يراقبون اداء الوزراء ويشنون عليهم الحملات من اجل مكافأة لموظف عادي لاتتجاوز خمسين دينارا مثلا،ينفقون الاف الدنانير في مهمة عمل،تدار ايامها بهكذا طريقة.
الاف الدنانير التي يتم تبديدها دون فائدة ذات قيمة في ظل فقر البلد،وصياح شعبه وحكوماته،على حد سواء،اذ نشجب حظ خزينتنا الخاربة!.
القضية ليست شخصية،فأنا لا اعرف اسماء النواب المشاركين،ولا اريد معرفة اسمائهم،حتى لايأتي من يظن ان في الاثارة استهداف شخصي لمقام هذا او ذاك؟!.
نتحدث هنا عن المبدأ،مبدأ تشكيل الوفود النيابية،وطريقة انفاق المال العام،والجدوى في حالات كثيرة من تشكيل هكذا وفود،وفي سنين سابقة كانوا يرسلون وفدا الى نيكارغوا او جزر القمر اغلبه لا يتحدث العربية السليمة،فما بالنا بلغاتهم؟!.
في حالات اخرى كانوا يرسلون وفدا الى مؤتمر عن الحريات السياسية،واغلب اعضاء الوفد ضد الحريات حتى داخل المنازل!.
في منتصف التسعينات سافرت كصحفي مع وفد نيابي الى لندن،ورأيت مهازل كثيرة،اذ ان اغلب اعضاء الوفد بحاجة لمترجمين شخصيين،واغلبهم لايعرف الفرق بين حزبي العمال والمحافظين،ولاملف واحداً تم اعداده قبل سفر النواب،حول طبيعة المهمة،او طبيعة اللجان،او اتجاهات رؤساء اللجان السياسية.
كنا نجلس مع لجنة التربية والتعليم،فيحدثها نوابنا عن بطولات صدام حسين،وُيعيّشون له،فينظر النائب البريطاني الينا ببرود،فاختصاصه التربية والتعليم فقط،ونجلس مع لجنة الشؤون الخارجية،فيطلب منها نوابنا منحا دراسية لطلبتنا،وبعضهم يشعل سيجارة في شرفة البرلمان البريطاني،فتضج «وستمنتسر» امام الفضيحة المدوية.
هذا الملف،اي ملف الوفود النيابية التي تسافر للخارج،لابد من فتحه ومراقبة المال الذي يتم انفاقه،فهو مال مجموع من دم شعبنا،ومن القروض والاستدانة،التي سندفعها كلنا،ولابد لرئاسة النواب الحالية ان تبادر بفتح كل هذا الملف،ووضع اسس ومعايير للمياومات وسقوف السلف المالية،وطريقة السفر،وعدد اعضاء الوفد،وطبيعة مشاركته،وماذا يفعل ولايفعل،واتحدى ان يكون لدينا ملف واحد بعد زيارة اي وفد نيابي للخارج يقدم فيه تقريرا عن الزيارة للنواب او الحكومة،وماحققه،واقتراحات لمتابعة هذه الزيارة؟!.
نريد ايضا اشهارا في نفقات النواب خلال سفرات الوفود،عبر اي آلية من اجل الشفافية واطلاع الرأي العام على كل قرش يتم انفاقه.
تسمع زئير الاسود تحت قبة البرلمان،حول راتب هذا الوزير،ومياومات ذاك الوزير،ونريد ذلك،وفقا لاسس،بعيدا عن الاهواء والحب والكراهية التي تصوغ مواقفنا من بعضنا البعض،غير ان النواب عليهم ان يعطوا المثل والقدوة في الشفافية ومخافة الله،في مال الناس،فهذا المال مجموع من يد الاردنيين واحدا واحدا على حساب عائلاتهم وبيوتهم.
اقتراح اخير:ارجو من النواب تشكيل وفود نيابية لزيارة محافظاتنا ولو من باب اعتبارها محافظات شقيقة،والاطلاع على واقع الناس،حتى لو كانت هذه الزيارة جالبة للهموم والغموم والتعب والطلبات.
والله وحده من وراء القصد!.
الدستور