ولكم في الفوسفات عبرة

ولكم في الفوسفات عبرة
الرابط المختصر

في التقرير الذي أعلنه معروف البخيت وفريقه، تكشفت حقائق كثيرة، ووردت ردود مقنعة ورصينة تفند الاتهامات التي تضمنها تقرير اللجنة النيابية حول خصخصة الفوسفات.

تأخرت في كتابة المقال إلى حين الانتهاء من قراءة التقرير المكون من 68 صفحة، إضافة إلى الوثائق الملحقة التي تؤكد المعطيات.

وأن نعرف اليوم التفاصيل والحقائق، أفضل من أن نبقى نؤمن بأوهام نواب وإن سالت دموع بعضهم.

البخيت وفريقه لم يستعجلوا الرد على تقرير النواب، بل تأنوا وأخذوا وقتا كافيا في تحضير الجواب، لتفنيد التقرير ووضع الأمور في نصابها، وفي هذا احترام للرأي العام ووعي المجتمع، يُقدر لمعدّي التقرير والقائمين عليه.

التفاصيل التي أوردها تقرير البخيت موثقة ومدعمة بالحجج والروايات ومقنعة، لكن المشكلة الحقيقية التي يلزم التوقف عندها، كونها كانت السبب الحقيقي للتشكيك في صفقة خصخصة الفوسفات وأدائها في العام 2007، يرتبط بضعف مستوى الشفافية والإفصاح لدى أربع حكومات شاركت في عملية بيع الفوسفات.

المسؤولون يبررون التقصير بأن كل التفاصيل، كبيرها وصغيرها، منشورة في الجريدة الرسمية كدليل على الإفصاح، لكنهم يعلمون في الوقت نفسه أن المتابعين للجريدة الرسمية محدودون، وهي غير منتشرة بشكل يتيح للجميع الاطلاع عليها، ولا حتى من قبل المختصين.

والتقصير الرسمي يكمن في عدم الإعلان عن كل التفاصيل المتعلقة بملف الفوسفات الذي وصف بأنه ملف عابر للحكومات، وتعاملت معه عدة حكومات لم تكلف واحدة منها نفسها عناء شرح تفاصيل المعطيات وتقديم الحقائق للرأي العام الذي اعتبر نفسه مخدوعا بعد تقرير لجنة التحقيق النيابية التي صرحت أكثر من مرة أن الشركة المالكة لـ37 %  من شركة الفوسفات وهمية.

للأمانة، احتوى تقرير البخيت على بيّنات تدحض كثيرا من الاتهامات، ومنها منح الامتياز والاحتكار للمشتري، وهو ما ثبت عكسه وفقا للوثائق الرسمية، التي تعطي الأولوية للشركة، لكنها تضع محددات كبيرة في حال حاولت إعاقة الاستثمار في هذا القطاع لغايات احتكار المنفعة لشركة فقط.وحول إمكانية إبطال الاتفاقية بداعي عدم دستوريتها لعدم التصديق عليها بقانون، فالقانون مسألة مدنية يفصل فيها القضاء المدني، مع الأخذ بالاعتبار أن الاتفاقية محكومة بالقانون الأردني، وهذا من حق أي حكومة بعيدا عن توصية النواب.

والوثائق التي تضمنها تقرير البخيت تثبت أن شركة كاميل هولدينغز مملوكة لوكالة بروناي للاستثمار وفق القوانين والأنظمة المعمول بها في جزيرة جيرسي، وهو ما ينسف اتهامات لجنة التحقيق النيابية.

تقرير البخيت ووزرائه تضمن العديد من الحقائق التي سمع بها الأردنيون للمرة الأولى، لكن ظهور الحقيقة بعد اتهامات النواب فقط، بحثا عن براءة من الاتهامات التي كيلت، يؤكد أننا ما نزال نعاني نقصا في الشفافية والإفصاح، ويؤشر من جديد على أزمة الثقة بين الحكومات والشارع الذي ما يزال يميل بعض منه إلى رواية النواب، رغم كل الحقائق التي قدمت.

بعد المعلومات التي كشفها البخيت وفريقه عن حيثيات ملف الفوسفات، على الحكومات الأربع أن تنبري للدفاع عن صدقيتها، وعلى اللجنة النيابية التي تعرت روايتها، بعد سقوط ورقة التوت عنها، أن تبرر لنا الاتهامات المضادة الموجهة إليها، خصوصا وأن كل ما جاء على لسان رئيسها في ندوة عقدها حزب جبهة العمل الإسلامي لا يتجاوز الأمثال الشعبية من باب إذا بليتم فاستتروا، وشر البلية ما يضحك، وليس هذا هو الرد المطلوب.

ربما يكون في الفوسفات درس للمسؤول بأن لا يخفي الحقيقة والمعطيات عن الرأي العام مهما كانت.

ونتمنى أن تكون في الفوسفات عبرة ودرس في البحث عن الحقائق وليس غيرها، والصراحة المتناهية مع الرأي العام.

span style=color: #ff0000;الغد/span

أضف تعليقك