وقفة مراجعة لأخطاء الماضي

وقفة مراجعة لأخطاء الماضي
الرابط المختصر

التخبط الذي رافق التخطيط للاقتصاد المحلي نجني نتائجه اليوم، بعد أن صار الاقتصاد مولّدا لفرص عمل من دون قيمة مضافة، ولا تحقق الحد الأدنى من العيش الكريم.
وعلى مدى سنوات ظلت الحكومات تركز على الاستثمار في قطاعات غير مشغلة للأردنيين، مثل الألبسة والعقار، وكنا نشاهد بأم أعيننا العملات الصعبة وهي تحول إلى الخارج من خلال مستثمري قطاعات لم تسهم قط بتقليص معدلات البطالة، وتحقيق التنمية المستدامة.
وبعد أن بلغت المشاكل الاقتصادية حدودا غير آمنة، بات من مصلحة الجميع وقفة مراجعة لكل ما مضى، واتخاذ إجراءات تصحيح تزيل التشوهات التي عانى منها الاقتصاد، وخصوصا ما يتعلق بنوعية فرص العمل المطلوبة وتلك المنتجة.
النتائج السلبية للسياسات الاقتصادية المطبقة تؤكدها استراتيجية التشغيل التي تكشف استحواذ القوى العاملة الوافدة على 42 % على فرص العمل المستحدثة منذ العام 2000، حيث وفر الاقتصاد حوالي 475 ألف فرصة عمل استحوذ العمال الوافدون من ضمنها على 200  ألف فرصة عمل.
أخطر ما في الأرقام السابقة والتي لا توصف بأقل من "مقلقة" أنها تعكس عجز الحكومات عن فهم عقلية الأردنيين لدرجة تكشف اتساع الفجوة بين مراكز صنع القرار وفشل الحكومات بالاقتراب من المجتمع وفهم متطلباته وتطلعاته.
وما تفضحه الأرقام أهم بكثير من النسبة ذاتها، حيث تشير بوضوح إلى أن كل ما طبق من خطط أخفق في حل المشاكل التي تعاني منها سوق العمل وعلى رأسها ارتفاع عدد العاطلين عن العمل مقابل عدد القوى البشرية القادرة على العمل، حيث يصل عددهم إلى 180 ألف عاطل مقابل 1.2 مليون قادر على العمل.
المؤشر الثاني الذي يعكس عيوبا جوهرية، يتعلق بعدد العمال الوافدين في الأردن والذي يصل إلى ضعفين ونصف عدد العاطلين الأردنيين عن العمل؛ حيث يصل عددهم في المملكة إلى 450 ألف عامل وفق الأرقام الرسمية، عدا عن العمالة غير المرخصة والتي تتواجد بشكل غير قانوني في المملكة.
هذه الأرقام تفقد المانشيتات المتعلقة بحجوم الاستثمار بريقها وتؤكد أنها لم تعد تنفع شيئا وإن كانت بمئات البلايين طالما أنها لا تولد فرص عمل لأبناء البلد، وطالما أن الفائدة المضافة منها تنتهي في بنوك خارجية.
مشاكل وعثرات سوق العمل بحاجة لأكثر من إبر التخدير والحلول السطحية، وتلافي مأزق اجتماعي بدأت تطفو نتائجه السلبية على السطح منذ أشهر، يتطلب عمليات جراحية تعالج المشكلة من جذورها. والحل يكمن في رؤية تستقرئ طموحات الناس وتطلعاتهم وتحترم وعيهم، وهذا ما يتطلب التركيز على قطاعات خدمية يُقبل الأردنيون على العمل فيها من دون خجل مثل التعليم والصحة والبنوك وتكنولوجيا المعلومات، وغيرها. قتل الغربة بين المستثمرين وأبناء البلد بحاجة للتركيز على مشاريع ذات قيمة مضافة، وإلا سيبقى المجتمع رافضا لرجال الأعمال ومشاريعهم.

الغد

أضف تعليقك