وطن بديل..

وطن بديل..
الرابط المختصر

الحالة السياسية الأردنية الداخلية حالة ملتبسة، حيث تظهر محاولات من يحبون تصدر المشهد الداخلي عبر جرَّ مكونات المجتمع الأردني للاصطدام ببعضهم البعض، وخلال هذه المحاولات المتكررة تظهر حالة التوتر وسوء تقدير الموقف، ومدى انقياد هذه الأطراف لقرارات وأجندات خارجية، تهدف فتح عدة جبهات في الداخل الأردني على أمل خلق حالة من الانقسام الداخلي تضعف الأردن وقدرته على فرض رؤيته وتصوره لما يجري في المنطقة من حولنا، وبعضهم يأمل أن يلفت نظر دوائر صنع القرار الأمريكي إلى مدى انتشار الخلاف حول قضايا حساسة داخل المجتمع الأردني مثل قضية الوطن البديل، وقدرة قيادات هذا التصور على إحداث التأثير، وهو ما قد يجعلهم من القيادات الأردنية التي يمكن للسفارات الأجنبية أخذها بعين الاعتبار.

من يثير قضية الوطن البديل، رافضاً أو مؤيداً للفكرة، إنما يحاول إعطاء الطرح شرعية مقبولة لدى الشارع عبر تكرار الفكرة على مسامع العامة، ومحاولة للسحب دائماً من رصيد الدولة الأردنية التي واجهت هذا المشروع بقوة، عبر الإيحاء أن الأردن قابل بتمرير قرارات ضد مصالحه الوطنية العليا، بالغضافة إلى أن طرح هذا الموضوع بين الفينة والأخرى يصب في خدمة المشروع الصهيوني عبر التأكيد على أن هذا الطرح يعد من الخيارات المعدودة لإنجاح عملية السلام.

الأخطر من هذا كله أن حالة الاستقطاب والعداء اللتين يحاول بعض الشخصيات السياسية زرعها في الأردن الهدف منها شيطنة الدولة الأردنية على أمل الوصول إلى حالة من عدم الاستقرار تبرر المظاهر غير السلمية في المشهد الأردني، دون أن يكون ذلك بعيداً عن رغبات مجموعة من الأشخاص الذين يدعون أنهم معارضة أردنية في الخارج، هؤلاء الأشخاص المرتبطون بأجندات خارجية وأجهزة استخبارات أجنبية، وكانوا قد قدموا الوعود الصريحة لدولة الكيان الصهيوني بتبني التصور الصهيوني المتطرف القائل أن الأردن هي فلسطين، والاعتراف بيهودية الدولة الإسرائيلية.

حديث جلالة الملك واضح في لقائه قيادات السلطات الثلاثة بالإضافة لرئيس المحمكة الدستورية، وما تم عرضه في شريط الفيديو الذي يؤكد ثبات الموقف الأردني طوال العقديين الماضيين، يأتي كجواب واضح حول موقف الأردن من القضية الفلسطينية، وينفي كل الشائعات التي راجت عند الحديث عن مشروع كيري وورقة (الإطار) التي ينتظر أن تقدم إطاراً للحل.

 ولكن السؤال هل يكفي الأردن التأكيد أنه لن يفرط بمصالحه العليا، وأنه يعلم بكل شاردة وواردة تحدث داخل غرف المفاوضات المغلقة؟

الجواب الواضح على هذا السؤال هو لا، فما زال على الأردن القيام بعدة خطوات ومهام كي يخلق حالة عامة من الارتياح،أولاها أن يستعيد الأردن دوره كجهة قادرة على حل الخلاف الفلسطيني الفلسطيني والوصول إلى توافقات واضحة بين حركتي فتح وحماس تعيد التوحد لشطري السلطة الوطنية الفلسطينية، أو الدولة الفلسطينية إن جازت التسمية، فالدور الاردني الفاعل في هذا الملف يعطي رسالة واضحة للجميع أن الاردن يعطي الأولية للتصالح الفلسطيني الذي يقوي موقف المفاوض الفلسطيني.

كما لا بد من ميثاق أردني يحدد أركان وعناصر الهوية الأردنية بصورة توافقية على المستوى الوطني، حتى لا يبقى مصطلح (الهوية الونية) قميص عثمان بيد البعض، يستخدمونه لإثارة مكونات المجتمع الأردني ضد بعضها البعض.

عبد الله الثاني استطاع مرة أخرى هزيمة أعداء الأردن، والتأكيد على قدرته على حماية المصالح الأردنية العليا، واستطاع أيضاً حماية الأردنيين من قلة تحاول العبث في أمن واستقرار الدولة، واستطاع أن يعيد للأذهان أن الأردن من الدول القليلة التي تلتزم بالمبادئ الأخلاقية، وأن ما تعلنه للملأ هو ما تقوله في المجالس المغلقة، وكذلك فإن السياسة الأردنية الخارجية سياسة غير انفعالية وهادئة، قادرة على قراءة الصورة وتقدير الموقف بعيداً عن الضغوطات.

الرأي

أضف تعليقك