وساطة النواب لتجنب الإضراب
يمكن تدارك الموقف قبل إضراب المعلمين غدا. الحكومة، وكما بدا من تصريحات رئيس الوزراء
د. عبدالله النسور، مستعدة لإبداء المرونة، والاستجابة لبعض مطالب المعلمين، وجدولة مطالب أخرى "يستحيل" تنفيذها فورا. نقابة المعلمين لم تغلق الباب نهائيا في وجه المفاوضات. لكن العلاقة بين الطرفين متوترة، وفي الأيام الأخيرة اختارا التصعيد المتبادل في الإعلام بديلا من المفاوضات المباشرة.
الحل هو بدخول طرف ثالث ليلعب دور الوسيط، والمرشح لمثل هذا الدور هو مجلس النواب. تفصلنا عن موعد الإضراب أربع وعشرون ساعة، يستطيع رئيس المجلس المهندس عاطف الطراونة أن ينجز خلالها اتفاقا مع المعلمين بتأجيل الإضراب يومين أو ثلاثة، لمنح لجنة نيابية يشرف على تشكيلها فرصة التوصل لمسودة اتفاق يرضي الطرفين.
تقول نقابة المعلمين إنها استنفدت وقتا طويلا في الحوار مع وزارة التربية والتعليم من دون نتيجة. والوزارة ترد على تلك الاتهامات بالقول إن بعض مطالب المعلمين تعجيزية. لكن ما من شيء تخسره نقابة المعلمين إذا ما أعطت لطرف ثالث فرصة الوساطة، وتقدير صحة الاتهامات المتبادلة من عدمها، ما دام سلاح الإضراب بيد النقابة وتستطيع اللجوء إليه في أي وقت.
من الأفضل للمعلمين تحقيق نصف مطالبهم بالحوار، على أن يحققوا جميعها بالإضراب، لأن الكلفة عليهم وعلى الطلبة ستكون أقل بكثير في الحالة الأولى؛ لا بل إن نتائج الإضراب غير مضمونة على الإطلاق، وقد ترتد سلبا على المعلمين ومطالبهم.
كل إضراب عمالي ينتهي بالحوار والاتفاق على جدولة المطالب، فلماذا لا نحقق ذلك الهدف من دون اللجوء إلى الإضراب؟
وساطة النواب نجحت في حالات مشابهة، وتمكن المجلس من التوصل إلى اتفاقيات تسوية جنّبت بعض القطاعات العمالية الإضراب وخسائره. وإذا ما كانت هناك أجندات سياسية تحرك المعلمين، كما ألمح رئيس الوزراء أول من أمس، فإن النواب أقدر من الحكومة على التواصل مع أصحاب تلك الأجندات، وإقناعهم بدعم جهود الوساطة. والإشارة هنا إلى الحركة الإسلامية التي ينتمي إليها معظم أعضاء مجلس نقابة المعلمين. وقد أبدى هؤلاء مرونة تجاه فكرة الإضراب؛ إذ دعا بيان لحزب جبهة العمل الإسلامي أمس إلى تغليب لغة الحوار لتحقيق مطالب المعلمين.
صحيح أن الوقت الذي يفصلنا عن موعد الإضراب محدود جدا، والطرفان اتخذا مواقف متصلبة في الأيام الأخيرة، إلا أن نافذة الحل لم تغلق بعد. لكن، وبالتزامن مع مبادرة نيابية، يتعين على الجهات الحكومية أن تكف عن إطلاق تهديداتها بحل النقابة أو محاسبة الجهة السياسية التي تقف خلفها. مثل هذه المواقف تزيد الأمر تعقيدا، وتنقل الأزمة إلى مستوى أخطر. وعلى نقابة المعلمين أن تتحلى بأعلى درجات المسؤولية، وتتذكر أن الإضراب مجرد وسيلة من عدة وسائل لتحقيق المطالب وليس هدفا بحد ذاته، وأن تضع في الاعتبار حقوق الطلبة التي لا تقل أهمية عن حقوق المعلمين المطلبية.
مجلس النواب مدعو للتدخل فورا لطلب تأجيل الإضراب. وينبغي على نقابة المعلمين أن لا ترد طلبه، حتى لا تتحمل المسؤولية أمام الرأي العام عن التصعيد.
الغد