والحصيلة مفجعة: "قوائم سريةّ"!

والحصيلة مفجعة: "قوائم سريةّ"!
الرابط المختصر

انتهت مرحلة التسجيل للناخبين واتضحت صورة القوائم الحزبية بدرجة كبيرة، وإذا بنا أمام حصاد مُرّ وهزيل يكشف عن حجم الضرر الكبير الذي أوقعه قانون الانتخاب على الطموح بتطوير الحياة الحزبية.

الظاهرة المقلقة أكثر هي قصة "القوائم السريّة" للأحزاب، ورفضها الإعلان عن أسماء مرشّحيها، إلاّ حين يصلون إلى المقعد النيابي!

بالطبع السبب لا يعود لأنّنا في دولة "بوليسية"، تعاقبُ منتسبي الأحزاب، لكن لوجود قناعة راسخة لدى الحزبيين بأنّ القواعد الاجتماعية ليست مهيأة بعد للعمل الحزبي، أو لتقبل مرشحيه.

المفارقة أنّ الأحزاب التي تتحدّث عن قوائم وأسماء سريّة ليست محسوبة، تقليدياً، على المعارضة، بل إنّ أغلبها قريب من الدولة، بينما أحزاب المعارضة الرئيسة تعلن عن قائمة أسماء مرشحّيها، كما كان يحدث عادةً مع جبهة العمل الإسلامي (في الانتخابات السابقة).

في المقابل، تكشف الانتخابات الحالية عن ضحالة الحضور الحزبي وضعف علاقته بالقواعد الشعبية، فأحزاب المعارضة الثلاثة المشاركة لم تستطع تقديم أكثر من ثلاثة مرشحين، بالإضافة إلى أربعة مستقلين، بينما المجلس الوطني للأحزاب الوسطية، المكوّن من ستة أحزاب قدّم ستة مرشحين (واحد عن كل حزب)، في حين اجتمع كلّ من حزب الوسط الإسلامي والرسالة الليبرالي (وأحسب أن الخلفية السياسية والفكرية مختلفة جداً لهما) في قائمة من 18 مرشّحاً.

التيار الوطني، الذي تأسس ليكون حزباً سياسياً شعبياً كبيراً، بمباركة الدولة حينها، لم يترشّح زعيمه وغابت عنه الأسماء القيادية، وجاء عدد كبير من المرشحين من مجلس النواب السابق، وكثير منهم لم يترك أي بصمة تذكر، فيما تراجع العدد إلى 32 مرشّحاً معلناً، ويحتفظ الحزب بأسماء غير معلنة، وثمة شكوك حول مستقبله في ظل سؤال تخلي الدولة عنه.

المفارقة تبدو أكبر مع حزب الجبهة الأردنية الموحّدة، الذي استطاع لفت الانتباه خلال الفترة الأخيرة بخطابه السياسي المعارض والشرس، بالرغم أن قاعدته الاجتماعية قريبة تقليدياً من سياسات الدولة، إذ اكتفى بتسعة مرشحين، وتحدّث عن "قائمة سريّة" تضم 35 مرشحّاً، جميعهم أفراد مسجلون في الحزب، وقد غابت القيادات الأكثر حضوراً وظهوراً وتمثّل الحزب، في العادة، وهي شخصيات لها وزنها وحضورها السياسي والشعبي.

قيادة الحزب تؤكّد أنّ السبب في "القائمة السريّة" يعود لأنّ القاعدة الاجتماعية لا تتقبل بعد "المرشّح الحزبي"، الذي قد يؤدي إعلانه بأنه يمثل حزباً معيّناً، إلى إضعاف فرصه داخل عشيرته نفسها، بالرغم أنّ المرشحين الـ35 جميعهم أعضاء في الحزب وملتزمون ببرنامجه السياسي.

المشكلة تقع هنا، تحديداً، فلو كان هنالك صوتٌ للحزب أو القائمة النسبية في قانون الانتخاب، فلن تكون الأحزاب بحاجة إلى "قوائم سرية" ولن تكون مشاركتها بهذه الضحالة، بل كانت الفرصة سانحة من خلال تلك القائمة.

أمّا الحصيلة التي نراها أمامنا الآن فهي مفجعة حقّاً، إذ يضطر المرشّح الحزبي لتورية هويته السياسية، بينما الأصل في الانتخابات النيابية برمّتها أن تقوم على التنافس الحزبي والسياسي والانتخابي، وإلاّ فما الدلالة السياسية لمجمل العملية!

الغد