هموم «عنكبوتية»

هموم «عنكبوتية»
الرابط المختصر

مربك ، مضحك ومثير للسخرية ، بعض ما تأتينا به الشبكة العنكبوتية من أخبار ومعلومات و Junk Mail ، والأعجب والأغرب ، من محتويات البريد الالكتروني الذي نستقبل المئات منه يومياً ، تلك الأسماء التي يطلقها الناس على أنفسهم ، بملء حريتهم وإرادتهم ، إما تحبباً أو تخفيّاً ، إما تمثّلا وامتثالا ، وإما سخرية ونكاية ومناكفة لغيرهم من زوار الشبكة وروّادها.

فهذا "مجنون "2010 يلقي عليّ يومياً بتحياته ، ولا أدري ما الاسم الذي سيطلقه على نفسه بعد أن نودّع العام ونستقبل آخر ، وذاك "لي منك يا دنيا أحزان" لا يكف عن النواح والعويل ، وثالثة "عزيزة وشامخ راسي ونفسي ترفض الذلة" ، لكأنها لم تغادر داحس والغبراء ، ورابعة "سعودية بس عاشقة لفلسطين" ولا أدري لم هذا الاستدراك ، وهل من تناقض بين أن يكون المرء سعودياً وأن يكون عاشقاً لفلسطين.

"راجية الجنة" أثارت حفيظة بعض متلقي رسائلها المفعمة بالإيمانيات ، فوجدنا من يرد عليها بتوقيع "راجية النار" ، وفيه من النكات والأخبار الإباحية ما يعكس صراعاً إيديولوجيا عميقاً. أما بريد "ذو شجون" فحدث ولا حرج ، من غرائب العالم إلى مواعظه وحكمه ، إلى صوره الطريفة والغربية والعجيبة.

ناهيك عن الأنفاس الملتهبة في رسائل "خفقان شوق" و"دلووووع العمري" و"جفاني النوم بغيابك" و"بنت الشاطئ" و"حربؤ الشام" و"أميرة بأخلاقي" و"الوفاء طبعي وانت طبعك إيش" ، "أصيل بلا شموس" ، "اختصرني يا زمن" ، "أبو خالد محتاج حنان" ، "أميرة القلوب" ، "أبو نواف المشاكس" ، "شيختكم أنا" ، "انا قلبي دليلي" ، هذا بالإضافة بالطبع للأمر بالمعروف والنهي عن المنكر في "حلم داعية" وأبو عبيد الله" وبقية الأسماء المُستلهًمة لتجربة الصحابة رضوان الله عليهم وآل البيت الأطهار.

"المقاومات" العراقية حاضرة بقوة في بريدنا اليوم ، ولو قدر لي أن أجمع خسائر "العلوج" الأمريكيين في الأشهر الأخيرة ، لزادت عن إجمالي عديد القوات الأمريكية في العراق وأفغانستان وأعالي البحار ، أما أخبار فلسطين ، فإنت تقرأ الخبر الواحد في عشرين رسالة إلكترونية على أقل تقدير ، ناهيك عن السجال السلفي - الشيعي الذي يخرج المرء عن طوره.

لا أدري كيف يمكن أن نجابه هذا الطوفان من الرسائل اليومية ، التي لا ينفع معها أي إجراء ولا يخضع مرسلوها لأية قواعد أو قوانين ، ولطالما قررت أن أغيّر عنواني البريدي ، لكن رسالة مهمة واحدة تصلني وسط هذا الركام الهائل من سقط الكلام والمتاع ، تجعلني أعيد النظر في قراري.

وأصدقكم القول ، أنني أجد أحياناً ، وعندما يكون هناك متسع من الوقت ، أن تقليب هذا البريد وتصفحه ، أمرّ ممتع ومفيد أحياناً ، ذلك أنه يوفر لك الفرصة لـ"جولة افتراضية" في عقول الناس وأفكارهم وما يجول في خواطرهم ، بدءا بالأسماء "الشاذّة" التي يطلقونها على أنفسهم ، وحتى مضامين الرسائل التي لا يكلون ولا يملون من "تطريزها" وإرسالها.

كان الله في عوننا نحن الذين وجدنا أنفسنا مضطرين للحاق بركب ثورة المعلومات والاتصالات.

الدستور

أضف تعليقك