هل هنالك بديل؟!

هل هنالك بديل؟!
الرابط المختصر

للمرة الأولى تبدو "الممانعة الرسمية" للإصلاح السياسي في أضعف مراحلها وظروفها، فثمة متغيرات إقليمية تدفع جميعها بهذا الاتجاه، وتحوّل في الإدراك الدولي، فضلاً عن الضغط الشعبي الداخلي- السياسي.

المؤشر الأهم أنّ هنالك إدراكاً أخذ يتكرّس بأنّ المعادلة السياسية الحالية وصلت إلى الحائط، وأنّ هنالك ضرورة حيوية لنقطة تحوّل، تخرجنا من الحلقة المفرغة التي تدور فيها أفكار وسجالات الإصلاح منذ سنوات إلى "وصفة توافقية" تضعنا أمام جدول زمني ثابت وسريع، عبر إصلاحات دستورية وسياسية تؤدي في نهاية اليوم إلى حكومة منتخبة وبرلمان مسيّس وتداول سلمي للحكومات.

قمت بقراءة وتحليل أغلب البيانات والشعارات السياسية التي رفعت مؤخراً وتطالب بالإصلاح السياسي، وهي – بالمناسبة- تمثّل شرائح واسعة عريضة، من الألوان المختلفة، ووجدت عملياً أنّنا أمام أرض صلبة مشتركة بين الجميع تتوحد في بنيتها مطالب بإصلاحات سياسية تؤدي إلى تداول السلطة وإطلاق الحريات العامة وتمكين حقوق الإنسان، وحكومات تمثل الأغلبية البرلمانية، وتعددية سياسية حقيقية، ومحكمة مختصة بالنظر في قضايا الفساد، وإصلاح دستوري يمثل القاعدة التشريعية لمبدأ "الأمة مصدر السلطات"، ومحكمة دستورية، ونقابة معلمين.

في المجال الاقتصادي، ثمة اتجاهات متباينة بين يسارية تريد دوراً محورياً للدولة في إدارة الاقتصاد، وبين ليبرالية معتدلة تسعى إلى إعادة هيكلة البرنامج الاقتصادي بما يحمي الطبقات الوسطى والفقيرة، ويراعي "العدالة الاجتماعية"، مع الاختلاف في تعريفها، وبما يشمل إعادة النظر في قوانين رئيسة، مثل قانون الضريبة المؤقت، وقانون العمل، وقانون المالكين والمستأجرين.

وفي ظني، أن هنالك تبايناً أكبر بين القوى والاتجاهات السياسية في تعريف الإصلاح الاقتصادي، وهو أمر طبيعي، وأرى أنّ المسألة هنا مرتبطة بخيارات الشعب، فهو الذي سيصوت لأي برنامج اقتصادي يريد، بما في كل برنامج اقتصادي من مزايا وأضرار.

التركيز الحالي في المرحلة القريبة المقبلة هو على تحديد قواعد اللعبة السياسية الجديدة، من خلال التوافق على الإصلاحات الدستورية المطلوبة وقانون الانتخاب والمحاور الأخرى المتعلقة ببرنامج الإصلاح السياسي.

هنا، تحديداً، نجد أننا أمام نسبة محددة من الخلاف حول "التمثيل السياسي" في قانون الانتخاب، وأحسب أنّنا بدأنا نسمع مقاربات عقلانية جيّدة تصدر من أطراف وقوى وشخصيات مختلفة تؤكّد أن حسمها أمرٌ ممكن بل وممكن جداً، وليس هنالك داع للتخوفات المبالغ فيها.

لست مغرماً بكلام الإنشاء أو إنكار الأزمات والمشكلات والتحديات، ومع إقرارنا بوجود هواجس متبادلة وقلق ومخاوف، لكنني أعتقد أنّ هنالك من عناصر الأخوة والتوافق والمصالح المشتركة والروحانية الاجتماعية ما يجعل من "الحوار العقلاني" الهادئ والتفاهم على "صيغة" تطمئن الجميع أمراً ليس ممكناً فحسب، بل هو خيار لا بديل عنه، ولا نملك ترف الاحتمالات أو السيناريوهات الأخرى.

ثمة صوت للعقل والمصالح والمستقبل، وثمة أصوات للأزمات والتأزيم وتأجيج العواطف والهواجس، وأحسب أنّ من يريد الأردن ومستقبله فليس أمامه إلاّ الاستماع إلى صوت العقل، الذي يقودنا عبر حوار محترم نضع فيه مشروعنا للمرحلة الجديدة المقبلة، والتحديات التي تقف أمامه وخريطة الطريق لتجاوزها.

بالرغم من إدراكي الكامل لحجم الاحتقان والغضب وخيبات الأمل والشعور بالمظلومية السياسية أو الاقتصادية، فإنني لأول مرة أبدو متفائلاً أننا أمام لحظة استثنائية يمكن أن تكون نقطة تحول للعبور نحو الأفضل.

الغد

أضف تعليقك