هل فتح الأردن خطوط الاتصال مع النظام السوري؟
بعد معركة "يبرود" الطويلة والشاقة، والتي انتهت بسيطرة قوات النظام السوري على معظم المناطق الحدودية مع لبنان، تتجه الأنظار نحو درعا والحدود الجنوبية مع الأردن، والتي تنتشر فيها جماعات المعارضة المسلحة، وتسيطر على بعض مناطقها.
الحدود الطويلة والممتدة شرقا باتجاه المناطق المتاخمة للعراق، تكتسب أهمية استراتيجية بالنسبة للنظام السوري. وحسم المعركة فيها يعني قطع واحدة من أهم الطرق الحيوية لمقاتلي المعارضة، والأهم دفن سيناريو حصار دمشق والإجهاز عليها.
تقر الأوساط المحسوبة على أنظمة عربية تساند المعارضة السورية بأن الجيش السوري يحقق انتصارات مهمة على الأرض، مستفيدا من تفكك المجموعات المسلحة واقتتالها فيما بين بعضها، وتراجع الدعم اللوجيستي من قبل "أصدقاء" المعارضة الإقليميين على وجه التحديد.
الجانب الرسمي الأردني لا يدلي بتعليقات علنية على ما يقال عن معارك وشيكة قرب حدوده. لكن التصريحات التي يدلي بها بعض المسؤولين بشأن موجات نزوح متوقعة، تشي بوجود حسابات لتطورات الأسابيع المقبلة.
لكن مخاوف الرسميين تتصاعد من عواقب استمرار حالة الفوضى الأمنية على الحدود، وما يترتب عليها من مخاطر، تتمثل في ازدياد حالات التسلل وتهريب السلاح وانتعاش تجارة المخدرات، وعبور المقاتلين المتطرفين بالاتجاهين، ناهيك عن لجوء المئات من السوريين إلى الأردن، وما يعنيه ذلك من كلف اقتصادية وأمنية.
السلطات الأردنية تتعامل وما تزال مع المجموعات المسلحة المحسوبة على الجيش السوري الحر، والتي تسيطر على نقاط عبور بين البلدين. لكن مثل هذا التعاون يبقى محكوما بمتغيرات يومية تشهدها ساحات القتال هناك، ولا يمكن الركون إليه كإطار مؤسسي دائم بين الطرفين. وقد أثبتت حالة الحدود الرخوة، محدودية قدرة هذه المجموعات في تأمين الوضع الأمني على الحدود، والوفاء بالالتزامات المتبادلة بين الدول.
ولذلك، ليس مستغربا أن يميل الأردن إلى سيناريو عودة القوات السورية للسيطرة على المناطق الحدودية. وفي هذا الصدد، يمكن أن نأخذ على محمل الجد التقرير الذي نشره موقع "خبرني" أمس، ويفيد بقيام مسؤول أمني أردني بزيارة إلى دمشق، والطلب من السلطات السورية فرض سيطرتها على المناطق الحدودية مع الأردن، بوصفها الوسيلة الوحيدة لتأمين هذه الحدود في مواجهة الاختراقات الأمنية المتزايدة.
لكن خطوة مثل هذه إن صحت، تؤشر على تحول نوعي في الموقف الرسمي الأردني، استنادا إلى التحول الجاري في ميزان القوى على الأرض لصالح النظام، ترافقه مؤشرات لا تخطئها العين على انهيار الثقة بقدرة المعارضة السورية على تحمل المسؤولية، والخروج من حالة الاقتتال الداخلي.
وليس سرا أن العديد من المسؤولين رفيعي المستوى في الأردن قد باتوا على قناعة بأن المعارضة السورية أخفقت بجدارة في لعب دور البديل للنظام السوري، والرهان عليها يقترب من درجة الصفر في دوائر صنع القرار الأردني.
يؤكد متابعون عن قرب للأوضاع في درعا وجوارها، أن قوات النظام السوري تملك القدرة على حسم المعركة مع المعارضة في حال قررت المواجهة. وإذا ما حصل ذلك بالفعل، فإن الوقائع ستفرض نفسها ميدانيا وسياسيا، وسيجد الأردن نفسه يتعامل مع أجهزة النظام السوري من جديد.
الغد