هل سنشهد حربا اهلية في الاردن؟!
يقول رئيس مجلس النواب عبدالكريم الدغمي ان الرئيس السابق الخصاونة اخطأ حين قال ان الاردن كان على مشارف حرب اهلية حين تولى رئاسة الحكومة.
كلام الدغمي جاء في مؤتمره الصحفي البارحة،في مناخ ملائم لقدح كل شيء يقوله الخصاونة،ونقد كلام الخصاونة من جانب الدغمي مفاجئ بعد صداقة البارحة.
الرئيس الخصاونة قال هذا الكلام خلال مقابلة صحفية معه لمجلة الاوكونومست البريطانية،وقد المح الى ذات الفكرة في كتاب استقالته حين قال ايضا انه يترك الحكومة والاردن في افضل حال،فيما جاء الرد عليه في رسالة قبول استقالته على لسان الملك الذي قال له بما معناه ان الاردن اذا اصبح احسن حالا فهذا يعود الى دور كل المؤسسات معا.
لم تكن الاردن على مشارف حرب اهلية،يوما ماً،وحتى الاشتباكات والمواجهات التي حدثت خلال عام 1970،لم تكن حربا اهلية ولم تكن بين الناس،بل بين التنظيمات العسكرية آنذاك والجيش،فيما مفهوم الحرب الاهلية يعني مذابح شعبية يرتكبها الناس ضد بعضهم البعض.
التاريخ لم يشهد اي حرب اهلية في الاردن،ففي ايلول كان الجيش من شتى المنابت والاصول،وكانت التنظيمات من شتى المنابت والاصول،والناس حموا بعضهم البعض،ولدينا الاف الادلة،على ان الناس وفروا الحماية لبعضهم دون النظر الى اي معيار،لا اصل،ولا جهة،ولا دين،ولا اتجاه سياسي.
بهذا المعنى لم تتأسس فكرة الحرب الاهلية في الاردن،لا في التاريخ ولا في الوجدان،ومفهوم الحرب الاهلية الذي طرحه يعني اما حربا بين الناس على اساس الاصول والمنابت،واما حرب على اساس الجهة الجغرافية،بحيث يهاجم اهل الجنوب،اهل الشمال،او العكس،لاسمح الله،وفي حالات تختلط كل هذه الصور معا،بحيث يغرق البلد في حرب اهلية شاملة وقودها كل المدخلات السابقة،صراعاً على السلطة،او لاي سبب كان.
مفردة «الحرب الاهلية» لم تكن موفقة ابدا،ولو كانت هناك نصيحة تزجى للرئيس الخصاونة،اذا احب ان يستمع لغير الذين اعتاد ان يستمع لهم،فهي الهدوء وعدم التصعيد،بهكذا مقابلات وقصص،لان الانفلات في التعبيرات كان احدى مشاكل الحكومة السابقة،ومازلنا نشهد ذات الانفلات بطرق تعبيرية اخرى،وهو امر لانرضاه لشخص وازن مثل الخصاونة،ليس من سماته المبالغة في توصيف مرحلته،او مابعد مرحلته.
مايميز هذا البلد،انه مهما واجه مشاكل صعبة،ومهما اشتد الحوار داخله،ومهما قيل فيه،فان فيه عقلاء،لايسمحون بإيصال البلد الى حافة الحرب الاهلية،التي ستحرق الجميع،ولايرضاها الجميع،في بلد لايحتمل انقطاع الماء يوما،او ان تتأخر ادوية السكري والضغط عن الناس،فما بالنا بحرب اهلية تأكل الاخضر واليابس،والمؤكد ان اغلبنا مستعد للتنازل عن كل شيء،مقابل ان لا تذهب البلد الى حرب اهلية.
البلد لا يوجد فيه ما يأخذنا،اصلا،الى حرب اهلية،لأي سبب،فالدولة مازالت قوية،مهما شهدنا مشاهد اختلال لقوتها وهيبتها،والغالبية العظمى تعرف ان مصلحتها في استقرار البلد وحفظ دم بعضنا البعض،فوق احترام البلد والانتماء لهذا البيت الكريم،خصوصا،حين نرى ما يسمى الربيع العربي قد اطاح بكل دول الجوار،وهتك اعراض الناس ودمهم وحياتهم.
الذي يحترم الخصاونة ينصحه بإغلاق الباب في وجه المتصيدين،وهم كثرة،خصوصا،بعد استقالته العاصفة،حتى لا تتحول استقالته الى وقود في هذا التطاحن السياسي،وحتى لا يتم استعمالها للتحريض عليه بكل الوسائل.
رجال الدولة لايقبلون نمطية الاستقالة،ولايقبلون ايضا ان تتواصل قصة المشاغبة تحت مبررات مختلفة،وقد قيل في الخصاونة كلام كثير سابق،حول وزنه وقيمته واحترامه لنفسه،ونرى اليوم كيف يتم اصطياد مفرداته في نص استقالته ثم مقابلاته،وهو يوفر بحسن نية الذخيرة لمن يريدون توظيف هذه المفردات لارباك الداخل.
span style=color: #ff0000;الدستور/span