هل سترى قائمة انتخابية للقدس النور؟
في خضم المناقشات والترتيبات لتنفيذ أول عملية انتخابية عامة في الأراضي الفلسطينية المحتلة منذ عام 2006، يجري نقاش جادّ ومسؤول بشأن وضع القدس والمقدسيين. لا بد طبعا تأكيد حق المقدسيين المشاركة في الانتخابات، ترشيحاً وتصويتاً من داخل القدس، أو من أي مركز اقتراع خارج الحدود التي وضعتها إسرائيل عند ضم القدس بصورة أحادية، الضم الذي لم تعترف به أي دولة، بما فيها إدارة الرئيس الأميركي السابق، ترامب، الصهيونية.
ينطوي النقاش المقدسي حول ما إذا سيتم بذل الجهود والضغط لوجود مقدسيين في مواقع آمنة لدى القوائم الرئيسية أم المشاركة في قائمة مقدسية أم الأمرين معاً. يقول مؤيدو الفكرة الأولى إنها تضمن وجود مقدسيين في القوائم الكبيرة، والمتوقع أن تشكل الحكومة المقبلة، وبذلك يكون لها القدرة على التأثير. فيما يعتقد آخرون أن وجود قائمة مستقلة ستوفر أهمية الدفاع عن الحاجات الخاصة للمقدسيين، من دون تقديم التنازلات للآخرين، وهو ما يحدث بصورة طبيعية في قوائم كبيرة لها اهتمامات متعدّدة.
وبما أن القرار النهائي للعضوية في القوائم الرئيسية مثلا لقائمة منظمة التحرير الفلسطينية، أو قائمة التيار الإسلامي، سيكون لقادة تلك القوائم، فإن النقاش المقدسي يتركز حول فائدة وجود قائمة مقدسية أم عدمها. وفيما يلي مضامين أفكار وتعليقات جرى تداولها بين مقدسيين، تخلو من أسماء أصحابها، لعلها تثرى النقاش بعيدا عن الشخصنة:
ــ يمكن للمقدسيين أن ينخرطوا كما يشاؤون في الكتل المختلفة، حسب انتماءاتهم وأهوائهم. لكن إن أردنا أن نحيي القدس فيجب أن نُعلي صوتها بوصفها عاصمة. إذا استقطبت الكتلة الأشخاص ذوي المصداقية في مواقعهم سوف تنجح ببعض أعضائها، وسوف يصوّت لها كثيرون من الأرض المحتلة. لكن الأهمية تكمن في تشكيل الكتلة وخوض الانتخابات والخروج بمؤتمر جامع يمثل المقدسيين، ويكون مرجعية لهم.
ــ هذه ليست كتلة مع أحد، أو ضد أحد، بل هي كتلة "القدس أولا". وهي مع من يتبنّى هذه القاعدة، علما أننا نعرف أن مشروع "الدولة" هو سراب إن لم تكن القدس عاصمتها..
ــ البديل؟ أن نستمر في الشكوى، والاعتماد على من سوف ينقذنا من قوى تلعب في الساحة الفلسطينية لها أولوياتها.
ــ أعتقد أن هذا الاقتراح (القائمة المقدسية) يمكن تطبيقه، وهو كفيل بإعادة القدس إلى صدارة المشهد الفلسطيني، وإعادة قضايا القدس إلى واجهة العمل الوطني. تشكيل هذه القائمة سيساهم حتماً في حل أزمة الثقة بين المقدسيين، خصوصا الشباب والسلطة الوطنية، ويساهم في تحفيز الجميع على العمل. أما من يرأس القائمة، فالموضوع ليس تشريفا بل تكليف.
ــ فكرة قائمة مقدسية اقتراح بارع، لأنه يستفيد من الحملة الانتخابية للمجلس التشريعي الفلسطيني، لتجاوز القيود الإسرائيلية على العمل السياسي في القدس، حيث سينتج عنه تشكيل مجلس مقدسي، من خلال اقتراحه لوجود 130 مرشحاً، يتم اختيارهم من المقدسيين بناء على معايير متفق عليها، ولهم سمعة ونشاط مقدسي. وبذلك يمكن متابعة الأمور المقدسية من خلال هذه القائمة، والتي قد تصبح نوعا من أنواع المنصة المقدسية التي يمكن الاستفادة منها، وتكون لمن يتم انتخابهم (نأمل أن يتم اجتياز العتبة) قيادة منتخبة، وهو الأمر الذي يشرعن من هم في القيادة المنتخبة، ومن هم في القائمة التي تم تشكيلها. ويمكن أن تتحول القائمة إلى حزب أو تبقى فقط تجمعا تمثيليا للمقدسيين.
ــ إضافة إلى إمكانية تشكيل قائمة من المقدسيين، أقترح تشكيل مجموعة ضغط تضم شخصيات ونشطاء مقدسيين، مهمتها التواصل مع كل الحركات السياسية وحدها، لوضع مقدسيين في أماكن واقعية في قوائمها.
ــ سيساهم تشكيل هذه القائمة حتماً في حل أزمة الثقة بين المقدسيين، خصوصا الشباب والسلطة الوطنية، ويساهم في تحفيز الجميع على العمل.
ــ كان المجلس التشريعي قد أقرّ قانون القدس العاصمة عام 2002، والذي لم يقرّ أنها عاصمة دولة فلسطين وحسب، ولكن أقر أيضا اعتبارها منطقة تنمية أ، لها الأولوية في الموازنات التنموية. وفي عام 2004، أنهى المجلس التشريعي قراءاته الثلاث لقانون آخر، هو قانون "أمانة القدس"، ورفعه إلى الرئيس ياسر عرفات للمصادقة عليه، ولكن الرئيس لم يصادق عليه، وكتب عليه بخط يده "يؤجل إصداره لأسباب سياسية". بعد ذلك، لم يُصدر المجلس التشريعي الثاني المنتخب عام 2006 أية قوانين أخرى بشأن القدس، وقد تم تجميد عمله بعد الانقسام عام 2007.
واضح عند قراءة التعليقات الهوّة الكبيرة حاليا بين المقدسيين والقيادة الفلسطينية، على الرغم من وجود مؤسسات وقيادات كثيرة تتغنّى بالقدس، لا تأثير لها يُذكر على الأرض. فهل سترى قائمة مقدسية النور في الأيام المقبلة، وهل ستنجح، إن وجدت، في استقطاب مقدسيين لا مبالين، أو مشكّكين فيها، وهل ستحصد أي أصوات من خارج القدس؟
العربي الجديد