هل تسقط الحكومة تحت قبة البرلمان؟
سيناريو حل (لنواب) هو الاسوأ سياسيا والتفاهم على ثقة عادية مخرج للطرفين .
عادة ما تتسابق الحكومات لتسجيل رقم قياسي بالثقة النيابية, الوضع مختلف تماما مع حكومة البخيت فالتحدي المطروح امامها هو في قدرتها على تجاوز السقوط تحت قبة البرلمان. فهل يمكن ان يحدث ذلك فعلا, وما النتائج المترتبة على حجب الثقة?
منذ تكليف الدكتور معروف البخيت بتأليف الحكومة تشكل مزاج نيابي سلبي تجاه الرجل وحكومته, والامر لا يتعلق بشخصيته فقط او بفريقه الوزاري وبرنامجه, انما بالظروف والملابسات التي رافقت رحيل حكومة الرفاعي بعد ثقة نيابية عالية جلبت للمجلس نقمة شعبية غير مسبوقة. وبدا ان هناك ميلا كبيرا لدى النواب للانتقام لكرامتهم. ويعتقد تيار نيابي واسع ان اسقاط حكومة البخيت في البرلمان سيعيد الهيبة للمجلس.
ولتبرير هذا التوجه يقول نواب ان الحكومة لا تلبي طموحات المرحلة الحالية, ويربط آخرون موقفهم باداء البخيت في حكومته الاولى, ويُحمل تيار آخر رئيس الوزراء المسؤولية عن تزوير الانتخابات النيابية والبلدية, فيما يأخذ نواب على الحكومة ضعف فريقها الاقتصادي في مرحلة اقتصادية صعبة تستدعي وجود شخصيات من اصحاب الخبرة والكفاءة. ولا ننسى بالطبع قضية "الكازينو" التي تُعّد أهم وسيلة هجوم على رئيس الوزراء.
التيار النيابي -وهو خليط من الكتل والمستقلين- الداعي الى حجب الثقة يحشد كل هذه الاوراق لتحقيق هدفه باسقاط الحكومة لكن الامر معقد وصعب من الناحية القانونية, اذ ان حجب الثقة يكون بالاكثرية المطلقة من مجموع عدد اعضاء مجلس النواب وفق الدستور بينما نيل الثقة ليس محكوما بهذا الشرط, بهذا المعنى فان الحكومة - ايُّ حكومة - يمكن ان تجتاز عقبة الثقة بأي عدد من الاصوات اذا لم يتجاوز عدد الحاجبين "النصف زائد واحد".
ومع ذلك فان سيناريو السقوط ليس مستبعدا في ظل اجواء نيابية تتسم بالغموض والضبابية الشديدة. في المقابل هناك من يعتقد ان المجلس لن يستمر في التصعيد او يأخذ البلاد الى ازمة سياسية ربما يكون المجلس نفسه ضحية لها وفي اللحظة الاخيرة سيعطي الحكومة ثقة تقل كثيرا عن تلك التي منحها لحكومة الرفاعي.
هذا السيناريو هو الافضل للطرفين, فمن خلاله يستعيد النواب دورهم كسلطة رقابة وتشريع ويتجنبون اتهامهم باعاقة عملية الاصلاح, والحكومة من جهتها تضمن الاستمرارية تحت رقابة المجلس.
لكن ماذا لو افترضنا حدوث اسوأ سيناريو, اي حجب الثقة عن الحكومة, هناك من يعتقد ان حجب الثقة سيدفع الى حل البرلمان فورا. وهذا خيار مرجح بقوة في رأي الكثيرين.
لكن في اعتقادي انه خيار خاطئ من الناحية السياسية وان كان جائزا من الناحية الدستورية.
ان نظام الحكم في الاردن يقوم على ركيزتين اساسيتين حسب نص المادة الاولى من الدستور الاولى "نيابي" والثانية "ملكي وراثي". وينبغي في كل الظروف والاحوال ان نظل مخلصين للدستور ونصوصه مهما كانت الظروف.
اجزم ان حكومة البخيت تستحق ان تعطى فرصة لتنفيذ برنامجها وهو برنامج متقدم على كل ما سبقها من حكومات, لكن ايا كانت الخسارة المترتبة على سقوط الحكومة فانها لا تستوجب ابدا انتهاكا ثابتا دستوريا من اجلها.
حل البرلمان مطلب شعبي هذا صحيح, غير انه مرتبط باستحقاقات اخرى في مقدمتها التوافق الوطني على قانون انتخاب جديد عندها يصبح "الحل" امرا ممكنا اذا كان الهدف انتخابات مبكرة كما هو الحال في جميع الدول الديمقراطية.
العرب اليوم