هل تستطيع الحكومة إلغاء امتيازات النواب؟
الملامح العامة لقانون الانتخاب الجديد التي سربتها المصادر الحكومية الى وسائل الاعلام من اجل جس نبض الراي العام ليس فيها تغييرات جوهرية سوى ما تقوله الحكومة بإبقاء نظام الصوت الواحد الذي كانت الاحزاب السياسية تطالب بالغائه, لذا يحاول التعديل الجديد الاستعاضة عن الصوت الواحد بتقسيم الدوائر الانتخابية الى مناطق لكل منها مقعد نيابي واحد , اي توزيع المقاعد النيابية على المناطق الانتخابية وهو نظام معمول به في العديد من دول العالم مثل بريطانيا وكندا .
وهذا الاتجاه يبدو انه جاء تحت الضغط الخارجي والداخلي المتصاعد من اجل الغاء المبدأ العام المستقر في الانتخابات النيابية الاردنية منذ عام 1928 باعتماد التقسيم الجغرافي لا الديمغرافي في الدوائر الانتخابية وزيادة تمثيل المرأة في مجلس النواب ليصل الى 12 مقعدا لكل محافظة تفوز به المرشحة التي تحصل على اعلى نسبة من الاصوات في منطقتها مقارنة بعدد المقترعين .
لذلك يقسم مشروع القانون المرشحين على الدوائر الانتخابية ولا يقسم الناخبين على مناطق جغرافية , مما يعني ان الناخب لن يطرأ على وضعه اي تعديل حيث سيمارس الاقتراع بالاسلوب نفسه الذي مارسه في الانتخابات السابقة وينتخب ايا من المرشحين المخصصين لدائرته, لكن المرشح عليه ان يحدد المنطقة التي سيترشح عنها من الدائرة الاكبر , مثلا المرشح في الدائرة الثالثة من عمان عليه ان يحدد انه سيترشح عن منطقة محددة من المناطق الانتخابية الاربع في دائرته.
الحركة الاسلامية على لسان قياديين (من الصقور والحمائم) اعلنت رفضها للقانون الجديد قبل ان ترى ملامحه النهائية كذلك فعلت احزاب المعارضة على اساس معاداة "الصوت الواحد", مع ان التعديل الجديد يحسن وضع الحركة الاسلامية الانتخابي وحتما سيزيد من مقاعدها , لان المرشح الاسلامي عندما يعلن عن نفسه في منطقة انتخابية معينة لن يجد له منافسين, بل سيهرب كثيرين من وجهه ويترشحون بعيدا عنه بحثا عن فرص افضل.
الجديد في ملامح القانون ان المصادر الحكومية سربت للصحافة انها بصدد تقديم تعديل على قانون التقاعد المدني والعسكري من اجل منع الجمع بين راتبين (التقاعد وراتب النيابة) وهي قضية ليس من السهل تطبيقها ولا اعتقد ان الحكومة جادة في طرحها, رغم قناعتنا بان امتيازات النواب اصبحت اكثر مما يجب ولا تتناسب والوضع المالي للخزينة.
وقد كانت امتيازات النواب مثار انتقاد من الراي العام وخاصة انها امتيازات شخصية تتضخم كل يوم الى ان وصلت الى (راتب شهري 2500 دينار , راتب تقاعد, مدير مكتب , سائق , فاتورة هاتف,تامين صحي , اعفاء جمركي لسيارة مع امكانية بيعه, منح ومقاعد في الجامعات, كوتا للحج, مساعدات مالية للمحتاجين توزع بوساطة النواب , معالجات طبية للقواعد الانتخابية..).
هناك كثيرون يطالبون بالغاء قسم كبير من الامتيازات الشخصية عن النواب والاعيان والوزراء , لكن هل الحكومة قادرة على الغائها, لا اعتقد ذلك, لان الغاء الجمع بين راتب التقاعد وراتب النيابة في قانون التقاعد يعني ان النواب والاعيان عند انعقاد الدورة البرلمانية سيرفضون القانون المؤقت المعروض عليهم والذي يتعارض مع مصالحهم ويضعون ما يناسبهم من قوانين .
قد تكون الامتيازات هي التي تجلب اعدادا كبيرة من المرشحين غير المؤهلين طمعا في تحسين اوضاعهم المالية لكن من الافضل ان لا يمس الراتب التقاعدي الذي يسبق النيابة وان لا يعطى النائب او العين راتبا شهريا مقطوعا بل مكافأة مجزية على كل جلسة يحضرها .
وهناك دول كثيرة لا تعطي رواتب للنواب مثل فرنسا وكذلك برلمان الاتحاد الاوروبي حيث ان البطاقة الممغنطة التي يحملها النائب هي التي تفتح له باب الدخول لمبنى البرلمان وتفتح له الميكرفون من اجل الحديث وعلى اساسها يستلم مكافآته بعد انتهاء الجلسات حسب نسبة حضوره , وهو اجراء عادل يمكن الاخذ به .