هل الانتخابات مزورة؟

هل الانتخابات مزورة؟
الرابط المختصر

تجاوزنا عقدة المقاطعة ووقعنا في الخروقات والشكوك

لا شك أن الانتخابات النيابية كانت مختلفة عن سابقاتها وقد شهد الناس بنظافتها ونالت عملية الاقتراع شهادة حسن سلوك من كل بعثات الرقابة المحلية والدولية، وأكثر ما ميّزها نسبة الاقبال على الاقتراع التي وصلت الى 56.7 بالمئة وهي نسبة غير مسبوقة إذا ما قورنت بالنسب السابقة التي كانت دون هذا الرقم.

و ما يميز النسبة الجديدة للاقتراع أنها نسبة حقيقية تعكس الواقع مقارنة مع النسب السابقة التي كانت مزورة، فالدولة وأجهزتها والهيئة المستقلة للانتخاب نجحوا في توجيه أكبر عدد ممكن من الناخبين الى الصناديق، خاصة في العاصمة التي سجلت رقما قياسيا غير مسبوق وهو 43 بالمئة ومحافظة الزرقاء التي وصلت نسبة الاقتراع فيها الى 47 بالمئة وهي نسبة هائلة مقارنة مع السنوات الماضية.

وبذلك تكون الدولة والشعب الاردني قد تجاوزوا مشكلة المقاطعة وسجّلوا نقطة جديدة لصالح استعادة الثقة الشعبية بصناديق الاقتراع، ومع ذلك فإن هناك كثيرا من اللغط والاتهامات المكالة بحق الهيئة المستقلة بأن ما أنجزته حتى الساعة الثامنة مساء يوم الاقتراع أضاعته في ساعات الليل خلال عمليات الفرز والتسجيل وإعلان النتائج، ما أدى الى احتجاجات كثيرة في البلقاء ومادبا والرمثا والزرقاء ومعان والكرك وبلعما في المفرق وغيرها.

ويمكن تلخيص الاخطاء والتجاوزات بالنقاط التالية:

- فرز صناديق القوائم الوطنية قبل أوراق الاقتراع الفردية، ورغم أن هذا الترتيب منصوص عليه في التعليمات الخاصة بمرحلة الفرز، إلا أن المنطق يقول أن تتصرف بالعكس من أجل تخفيف الضغط الشعبي على أبواب مراكز الاقتراع والفرز لا سيما وأن الاهتمام الشعبي كان منصبا على نتائج المرشحين الافراد.

- تأخير وبطء عملية الفرز وعدم شفافيتها في بعض المراكز خاصة عدم إدخال الصناديق الى القاعة الرئيسية لكل محافظة للتجميع، ما أثار الشكوك حول وجود نية للتزوير وغذّى ذلك التأخر في إعلان النتائج والتي لم تظهر إلا في اليوم التالي.

- رفض الهيئة المستقلة للانتخاب احتجاجات بعض المرشحين ومطالبتهم بإعادة فرز بعض الصناديق المشكوك فيها، ورغم إصرار الهيئة على ضرورة اللجوء الى القضاء وهو حق مكفول إلا أن الافضل أن تحل المشاكل في مكانها من أجل عدم التأثير على سمعة ونزاهة العملية الانتخابية التي شهد لها الجميع، فماذا كان يُجرى لو تمت إعادة فرز صندوق مختلف عليه؟

- إن ما جرى في مرحلة الفرز وتجميع الاصوات وإعلان النتائج الاولية وما رافقها من إرباك وتأخير وضياع صناديق او كشوفات رسمية، أعاد للاذهان المخاوف السابقة من عمليات التزوير، فـ "المقروص يخاف من جرة الحبل" كما يقول المثل الشعبي. التقاليد لدى الناخب راسخة في خوفه من عملية الفرز التي كانت تشهد عمليات تزوير لم تعد تخفى على أحد.

نعرف أن بعضهم سيلجأ الى القضاء وهو عنوان العدالة، وهو سيكشف إن كانت هناك جرائم انتخابية وقعت أم لا. وهي مسؤولية اللجان المشرفة على الاقتراع والفرز وتحمل وزر كل الاخطاء، وإذا اختفت أوراق أو صناديق تؤثر في النتيجة النهائية لمرشح على آخر، فإن القضاء سينصف المظلوم ويرد حقه حتى لو حلف النواب اليمين الدستورية في افتتاح الدورة البرلمانية غير العادية يوم الثالث من الشهر المقبل.

فهل كانت الانتخابات مزورة ؟ ولماذا يحتج الناس في الشوارع؟

حتما إن الانتخابات ليست مزورة بالمطلق، بل كانت نظيفة وفيها نقاط جيدة ومضيئة مقارنة مع الدورات السابقة، لكن عملية الفرز شابها بعض الخروقات والمخاوف، الامر الذي أضاع على الهيئة المستقلة للانتخاب وطواقمها تعب ستة أشهر من العمل الجاد المتواصل وكل ذلك كان بالامكان تجاوزه وإعطاء كل ذي حق حقه ومنع بعضهم من الاستثمار في الخسارة.

العرب اليوم

أضف تعليقك