هل أنت مع الحراك؟

هل أنت مع الحراك؟
الرابط المختصر

قيل أن أحد الاطفال في الزرقاء سأل رئيس الوزراء خلال زيارته للمدينة: هل أنت مع الحراك؟ فأجابه الرئيس: نعم مع الحراك وحراكي أيضاً.

لا أدري - بالطبع - اذا كان الدكتور النسور قد توقف امام هذا السؤال “الطفولي” كما توقف امام الشباب الذين ناشدوه ان يضع “نموذج” وصفي التل امام عينيه لكي يشعروا بالاطمئنان.. لكن ما يهمني - هنا - هو هذا “الوعي” الجديد الذي دفع “الطفل” الى التركيز على “الحراك” ومحاولة معرفة موقف الرئيس منه، فيما كان - يفترض - ان لديه عشرات الاسئلة حول قضايا تهم “اطفال” المنطقة هناك ابتداء من “احوال” المدرسة الى العنف الى الفقر والبطالة..الخ.

ما شهدناه في اربد، امس، ربما يجيب على “سر” تغلغل “وعي” الحراكات في ذاكرة الناس، حتى الاطفال منهم، فبعد اكثر من عامين على الاحتجاجات في الشارع، نكتشف بأننا امام “مجتمع” قد تغير حقاً، ومهما حاول البعض ان “ينكر” ما حدث، فان أعين “الناس” اصبحت مفتوحة على “حدث” جديد، عنوانه: الاحتجاج والمطالبة وعدم السكوت على الخطأ والاصرار على “التغيير”، وبالتالي فنحن امام “جيل” مختلف، ووعي لم يسبق لنا ان عرفناه، وهذا ما يستدعي “الانتباه” الى حركة الشارع، وحالة “التمدد” والتصاعد في شعاراته ومواقفه، ولنا ان نسأل أنفسنا هنا: لماذا لم “يطوِ” الناس الصفحة بعدما قدم لهم من “وصفات” اصلاحية، ولماذا لا يزالون يخرجون للشارع؟

قبل نحو أسبوعين، ذكر لي أحد الناشطين في اربد، ان الحراكات تستعد لمسيرة ضخمة يوم الجمعة (امس بالطبع)، سألته عن الاسباب التي جعلت حراكات المدينة مختلفة عن غيرها، فقدم لي أسبابا عديدة لذلك، قال: ثمة انسجام واضح في “خارطة” الحراك في اربد، فالجميع يشاركون فيه من مختلف الاتجاهات الفكرية والسياسية، وثمة “روح” جديدة دبت في المدينة بعد وصول “اللاجئين” السوريين اليها، وثمة غياب واضح “للوسائط” الاجتماعية التي يمكن ان تتدخل لمنع الشباب من الخروج في الاحتجاجات، وثمة احساس لدى كثير من الشباب بأن التغيير تأخر، وبأن احوالهم تسوء.

الصورة في الطفيلة ومعان امس، كانت ايضا مشابهة نسبياً، فاحتجاجات المدينتين حافظت على “ايقاعها” المعتاد، وحالة “الناس” التي عبروا عنها تشير الى الاحساس ذاته، والمخاوف ذاتها، ومهما قيل ان “المسيرات” اصبحت مسألة اعتيادية، ومفهومة في سياقات السياسة ومناخاتها الداخلية وفي ظروف الاقليم وتحولاته، فان هذه “الاعتيادية” بعد عامين واكثر لا تكفي لفهم ما يحدث، ولا “لتقدير” الموقف الذي اصبحنا فيه، مما يضطرنا مرة اخرى للتنبيه بأننا نحتاج الى منطق آخر للتعامل مع “مطالب الناس” منطق يقوم على ضرورة “تغيير الصورة” ودفع استحقاقات الاصلاح، والتوقف عن المراهنة على “تراجع” اصوات الناس، وعلى “ضعف” الحراكات وانحسارها.

افضل اجابة يمكن ان نبدأ فيها للرد على “الحراكات” هي العبارة التي قالها الدكتور النسور بعد زيارته للزرقاء: “لا يوجد رأس فساد عصيّ على الكسر”، لكن هذا الكلام الجريء - بالطبع - يحتاج الى تفعيل لكي يراه الناس على الارض، أو ان يلمسوه بحضور تلك الرؤوس امام “منصة” العدالة، وأكاد اجزم ان أمام الدكتور فرصة لكي يفعل ذلك، على الاقل، ليرد على سؤال “الطفل” الذي التقاه في الزرقاء، أو لكي يستعيد جزءاً من ذاكرتنا التي ما تزال تحتفظ لوصفي التل بالتقدير والاحترام.

الدستور

أضف تعليقك