سؤال الملفات المعلقة التي لم تحسم بعد أصبح بحاجة الى اجابة، واذا كان ثمة من يراهن على "ذاكرة النسيان" فان لدى الناس طاقة من الصبر والانتظار، لكن لديهم ايضاً ما يمكن ان يفعلوه اذا ما وصلوا الى حالة "نفاد" الصبر، هذه التي لا يجوز لأي مسؤول ان يسقطها من حساباته، او ان يدفع الناس اليها بقصد او دون قصد.
لا اتحدث – فقد – عن ملف الاصلاح، هذا الذي ما تزال "لجانه" تبحث في الموضوع، وتحاول ان "تشق" طريقها وسط الزحام لكي تصل الى النهاية المطلوبة (تصل أم لا تصل: لا نعرف حتى الآن)، لكنني اتحدث عن ملفات اخرى جرى فتحها منذ شهور ثم غابت عن واجهة الاحداث او جرى اخفاؤها او ابطاء حركتها، منها – مثلاً – ملف "التحقيق مع البلطجية" وملف "تهريب" أحد رجال الاعمال للعلاج في الخارج، وملف "الاطباء" الذين دخل اضرابهم الشهر الثاني، وملف الفساد – ملفات ان شئت – التي أحيلت الى هيئة مكافحة الفساد، ثم ارسل بعضها الى "مجلس النواب".. دون ان نسمع ماذا حدث فعلا.. او نرى "مسؤولاً" واحداً يقف وراء القضبان.
منطق التأخير في معالجة هذه الملفات يبعث برسالة واحدة الى الناس، مفادها ان عجلة قطار الاصلاح تعطلت، او ان وعوده أُجلت، او ان ثمة "لاعبين في ميادين "مقاومته" واجهاضه قد انتصروا في معركتهم، وبالتالي فان "وصفة" فشل اخرى، جربناها فيما مضى، ستدق على الذاكرة وتدفعها الى "استدعاء" هواجس ومخاوف لا جدوى من اثارتها في هذه المرحلة التي "تضغط" من كافة الجهات لتبديد كل ما يمكن ان يُثار من غبار لتشتيت الرؤية او لمزج الألوان.
من واجب الحكومة التي ألقت "اثقالها" على اللجان المختلفة، ان تتفرغ لفحص هذه الملفات ومعالجتها، ان تتدارك "عامل" التسويف على الوقت لكي تمسك "بمبادرة" الفعل وتواجه المشكلات التي تفجرت بحلول مقنعة، وتطمئن الناس على ان الاحتكام لسلطة القانون، وعلى انطلاق ارادة الاصلاح بلا ابطاء ولا تلكؤ.
لقد هدأ حراك الشارع لأنه دخل في دائرة "الامل"، ولانه ادرك بحسه المسؤول ان "الفرصة" لم تفت بعد لانضاج "وعود" الاصلاح، وبالتالي فان "الكرة" الآن في ملعب الحكومة وبوسعها ان تستثمر هذه "المرحلة" وان توظفها بحكمة، اما كيف، فليس اقل من ان تبدأ بفتح ما ذكرناه من ملفات، والاجابة عنها بوضوح وحزم، وهذا من شأنه ان يستعيد ثقة الناس بها، و"أملهم: بأن مطالبهم قد وضعت على "السكة" وبانها في الطريق الصحيح.
لقد مضى ما يلزم من وقت "لاختبار" منطق الاصلاح، وجدية المسؤول في تنفيذه، وكان من المفترض ان ننتهي من الجدل حول "بقرة" التغيير: ما لونها؟ وحول "بعبع" الفساد: ما حقيقته، وحول "أشباح" الشد العكسي: من هم وكيف يتحركون؟ لكن يبدو ان ثمة من يدفع باتجاه آخر، وثمة من يريد ان "يكتشف" العجلة مرة اخرى، وثمة من يراهن على ان "القطار" قد فات او ان الناس فقدوا ذاكرتهم، او ان الرسائل وصلت واستُقبلت وانتهى الأمر.
وحدها الحكومة يجب ان تتنبه الى "المسألة" من زاوية اخرى، وان تدرك ان "طبقات" المرجئة والمعطلة ودعاة الدفع نحو "الاستعصاء" هم خصومها الحقيقيون، ان من يقف معها هم "دعاة" الاصلاح، هؤلاء الذين يضعون مصلحة البلد فوق أي اعتبار.
الدستور