نواب الـ (111) .. صحوة بعد غيبوبة
بات واضحا ان سلوك تعاطي النواب مع الحكومة مبني على كسب الشارع بعد فضيحة ثقة الـ 111 التي كانوا قد منحوها للحكومة السابقة وقبلها امطروها بوابل من الشتائم ما افقدهم مصداقيتهم عند ناخبيهم.
النواب في ردة فعلهم الغاضبة على تغيير الحكومة بعد 40 يوما على منحها الثقة المطلقة يلوحون على الدوام بالتصعيد ضد الحكومة الجديدة ويهددون بحجب الثقة على اعتبار ان منحهم او حجبهم للثقة له مدلول في الشارع الذي انتفض بوجه الحكومة السابقة ورفع شعارات تنادي برحيلها هي والمجلس, فرحلت الحكومة وبقي المجلس الذي يسعى لاستعادة كرامته.
ردة فعل النواب الحالية تشبه الحصان الجامح لا احد يستطيع السيطرة عليه او تحديد مساره, فصحوة النواب في رد القوانين الحكومية لم تلق اي اثر في الشارع بعد غيبوبته في التغاضي عن ما فعلته الحكومات وتستره على ملفات الفساد.
الواقع ان عددا كبيرا من قضايا الفساد التي استنزفت اموال الخزينة وما زالت تداعياتها تلقي بظلالها على الاقتصاد الوطني كان النواب شركاء رئيسيين في تلك الملفات, مثل ما حدث في سكن كريم والبورصات الوهمية حتى الشركة الاخيرة التي أحالتها اللجنة المالية في مجلس النواب للتحقيق فان غالبية اعضاء مجلس ادارتها من النواب الذين مارسوا جميع اشكال الابتزاز والضغوطات على الحكومات المختلفة في سبيل الحصول على مكاسب شخصية حتى ولو كان ذلك مخالفا للقانون كما هو الحال في تلك الشركات.
هجوم النواب على الحكومة الجديدة يرى فيه البعض انه بتوجيه من قبل بعض قوى الحرس القديم التي كان لها دور خفي في انجاح الكثير منهم في الانتخابات النيابية ومساعدتهم على الوصول الى كرسي النيابة, فرد الجميل يكون بالاستخفاف بالحكومة الجديدة ورفض قوانينها والمزايدة عليها.
مزاجية النواب في التعاطي مع الحكومة والجدية في سلوكهم الراهن هو ردة فعل طبيعية على تراجع شعبيتهم بعد فضيحة الثقة الاخيرة, فبوصلة سيرهم ما زال مؤشرها مفقودا في ظل الصحوة المتأخرة التي يشهدها النواب.
السؤال بات واضحا من قبل الشارع الذي يتطلع الى الحكومة اليوم بأريحية نسبية تختلف عن سابقتها, أين كان السادة النواب من كل تلك الملفات والقضايا والقوانين التي انتفضوا بوجهها?.
الحكومة التي تناقش اليوم بيانها الوزاري لنيل الثقة من النواب دخلت الى المجلس بثقة شعبية مرتفعة عكس سابقتها التي حشدت لثقة غير مسبوقة من النواب في الوقت الذي فقدت فيه ثقة الشارع.
رحيل حكومة الرفاعي بعد ايام من نيلها ثقة الـ "111" هو رسالة الى مجلس النواب الذي منحها تلك الثقة في وقت انتفض فيه الشارع بوجه السلطتين, فالحاجة ماسة اليوم الى صياغة جديدة لمؤسسات دستورية تمثل الشعب تمثيلا حقيقيا لا صوريا.
العرب اليوم