نقد لاذع أولا.. ولكن في النهاية الموافقة

نقد لاذع أولا.. ولكن في النهاية الموافقة
الرابط المختصر

بدأت أمس مناقشات النواب للموازنة العامة للعام 2014، التي قدمتها الحكومة لهم. وبحسب المقرر، فإن غالبية النواب سيتحدثون في جلسات المناقشة. وقد قررت رئاسة المجلس عقد جلستين، صباحية ومسائية، من أجل مناقشة كل ما يتعلق بالموازنة، وكذلك السياسة الاقتصادية للحكومة، وبرامجها المختلفة المتعلقة بمعيشة وحياة المواطنين.

لن يختلف مستوى نقاش الموازنة عن مستواه في جلسات مناقشة سابقة للموازنة أو حتى لسياسات الحكومة. فنقاشات أمس كانت ساخنة من حيث النقد الشديد للسياسات الاقتصادية الحكومية التي وُصفت من قبل نواب بأنها "سياسات لتجويع المواطنين"، ومن حيث أيضا السياسات الحكومية بشكل عام؛ فقد تعرضت لنقد نيابي لاذع وشديد هي الأخرى. ولم تخل كلمات النواب من الإشارة إلى رفع أسعار المحروقات والكهرباء، وتوجه الحكومة إلى زيادة أعباء المواطنين، وآخرها تخفيض حد الدخل المعفى من الضريبة؛ إذ تتجه الحكومة، وفق مشروع قانون ضريبة الدخل الجديد، إلى تخفيض دخل الأسرة المعفى من الضريبة من 24 ألف دينار سنويا إلى 18 ألف دينار، وللفرد من 12 ألف دينار سنويا إلى 9 آلاف دينار.

ومن وجهة نظري، فإن الانتقادات النيابية التي وُجهت للسياسات الاقتصادية الحكومية صحيحة ومحقة وليست مجحفة. فالحكومة اتخذت إجراءات عديدة زادت من أعباء المواطنين بشكل كبير. وهي أيضا بصدد اتخاذ إجراءات أخرى سترهق كاهل المواطنين، وخصوصا الفقراء وأصحاب الدخول المتدنية والوسطى.

ومع أن الانتقادات محقة، إلا أنه، وللأسف، فإن غالبية هذه الانتقادات لن تفرض على الحكومة تغيير سياساتها. فقد سمعنا هذه الانتقادات سابقا، ولم تؤت أُكلها، بل واصلت الحكومة (الحكومات السابقة) سياستها المعلنة بالرغم من كل الانتقادات، أو مستوى هذه الانتقادات.

ويظهر من الخطابات النيابية أن هذه الخطابات ليست موجهة للحكومة، مع أنها شكليا موجهة لها، وإنما هي موجهة للقواعد الانتخابية. والهدف من هذه الخطابات "النارية" زيادة شعبية النواب في دوائرهم الانتخابية، لأن الانتقادات في النهاية تتحول إلى موافقة على سياسات الحكومة.

إن المشهد النيابي الحالي يوجب إعادة النظر، مرة ثانية، بقانون الانتخاب، وإجراء تعديلات جوهرية عليه، حتى يتم انتخاب من يمثل المواطنين حقيقة، ويدافع عن مصالحهم وحقوقهم، ويسعى إلى تعزيز الديمقراطية فعلا وليس قولا فقط. لقد وعدت هذه الحكومة بتعديل قانون الانتخاب، ولكنها لم تفعل ذلك حتى الآن. وأي تأخر في هذا الاتجاه، يزيد من معاناة المواطنين على الصعد كافة

الغد

أضف تعليقك