أصداء فوز “الزعيم” الاخوان في مصر بالرئاسة لم تتوقف عند ميدان التحرير، حيث أمضى المؤيدون والمتعاطفون ليالي طويلة هناك لانتظار “ولادة” الثورة والاحتفاء “بمولودها” الجديد، وانما امتدت هذه الاصداء الى معظم عواصمنا العربية، بعضها لامس آذاناً رسمية تمنت في أعماقها ان لا تسمعه، وبعضها اخترق قلوب الشعوب التي تتشوق للحرية، مهما كان مصدرها، فصب عليها برداً وسلاماً.
في عمان كانت الاصداء مختلفة الى حد ما، فبينما خرج بعض الاردنيين مع اخوانهم المصريين الى الشارع للتعبير عن “بهجتهم” بما حدث، فتحت جماعة الاخوان المسلمين أبوابها لاستقبال المهنئين، وأوعزت الى مكاتبها الاخرى أن تقوم بالواجب أيضاً، وكان لافتاً ان “الرسميين” غابوا عن التهنئة، باستثناء الدكتور احمد هليل (قاضي القضاة) الذي أشهر من دار “الاخوان” تهانيه للفائز والجماعة معتبراً ان نجاح “مرسي” يمثل روح هذه الأمة في انتمائها لدينها وولائها لعقيدتها، أما الموقف الرسمي فقد تدرج من ارسال الحكومة “اشادة” بتجربة الانتخابات المصرية ومن “أمنيات” لمصر بترسيخ الأمن والاستقرار، الى التهنئة التي بعثها جلالة الملك للرئيس الجديد، أما “حسابات” المطبخ السياسي فقد ظلت بعيدة عن النقاش العام، لكنها - بالطبع - لم تغب عن “التفكير” الرسمي الذي يدرك تماماً أن لهذا الحدث ارتداداته على المنطقة، وان ترتيب “اوراق الداخل” ستتأثر به بشكل أو بآخر.
تجربة الاخوان في مصر لا تختلف كثيرا عن “تجربتهم” في الاردن، وربما تكون العلاقات بين “الجماعة” في الاردن ومكتب الارشاد في مصر من أكثر العلاقات قرباً وتنسيقاُ، وبالتالي فان فوز “مرسي” في أكبر وأهم بلد عربي يعتبر بالنسبة لاخواننا انتصاراً طال انتظاره كثيراً، ويمكن استثماره أيضاً، وهذا ما حدث فعلاً، فقد تتالت التصريحات من أكثر من مسؤول في الجماعة باتجاه توظيف الاصلاح، وتارة أخرى لتطمين الشارع والرأي العام على “نوايا” الحركة وأهدافها.. وسلامة مشروعها السياسي أيضاً.
هل وصلت الرسائل؟ أعتقد أن الشارع تفاعل مع “صورة” مرسي الفلاح الذي أصبح رئيساً، ومع صورة “الديمقراطية” الجديدة التي لم تأنفها بلداننا العربية، ومع صورة “الاخوان” التي بدأت تتحرر من التشويش والتشويه الذي تعرضت اليه، وما تزال، واعتقد أيضاً بأن “الروح” المصرية تسللت الى كثير من الذين يقفون على خط “المطالبة” بالتغيير... وخاصة “الشباب” الذين يحاولون استلهام التجربة، لكن كل هذه الصور، وكذلك الرسائل، لا أعتقد ان “لواقطنا” الرسمية استقبلتها، وان حصل ذلك، فما زالت في اطار “الانتظار” حيث يفترض تفكيك شيفرتها، وقراءة مضامينها وتقييم ما تحمله من ألغاز وذبذبات.
لدي نصيحتان: احداهما لاخواننا الاسلاميين الذين شعروا “بنشوة” الانتصار ان يتعاملوا مع “اللحظة” (على أهميتها) بمنطق الفهم وروح التواضع، وان يقدموا الحسابات الوطنية على الحسابات السياسية ولا يذهبوا بعيداً في “استثمار” الحدث داخلياً، أما النصيحة الاخرى لبعض لمسؤولين في بلادنا الذين ما زالوا ينظرون بعين واحدة لكل ما يجري في الاقليم بأن يفتحوا عيونهم على المشهد، وان يتعاملوا معه بمنطق “أهل البلد” الحريصين على وحدته ومستقبله.. لا بمنطق “الاستهانة” بكل شيء.. واللامبالاة من كل شيء!
span style=color: #ff0000;الدستور/span