نريد « تيارا» ثالثا بمبادرة توافقية!

نريد « تيارا» ثالثا بمبادرة توافقية!
الرابط المختصر

يدفع مجتمعنا اليوم ثمن الاستقطاب السياسي الذي أفرزته «النخب»، ومن اسف اننا انقسمنا إلى أبيض وأسود، ولم ننجح في ايجاد «منطقة رمادية» تشكل أرضية لمشتركاتنا الوطنية، وتساعدنا في فتح ابواب «الحوار» والتفاهم او الوصول الى حالة من الاستعداد النفسي، ناهيك عن الاستعداد السياسي، للخروج من المواجهة الى المناقشة، ومن الاستعصاء الى الحلول والمعالجات التوافقية.

الاغلبية في مجتمعنا ضحية لهذا «الخصام» الاستقطابي الذي ولّدته مناخات «قلقة» وعقليات «اقصائية» وظروف صعبة ومعقدة، وفيما كان من الممكن ان ندفع باتجاه انتاج تيار ثالث يتجاوز بنا مرحلة «الاستقواء» المتبادل، ويرشدنا الى طريق الصواب، وجدنا انفسنا امام خيارين: أحدهما اخذنا الى الاستغراق في الماضي و أوهمنا بابتداع أدوات جديدة لترميمه وتزيينه والآخر اخذنا الى «الشارع» مستلهما نماذج اخرى قد لا تناسبنا، وبالتالي أصبحنا معلقين فوق « الشجرة «، دون ان نعثر على اية ردود لكثير من الاسئلة الحائرة ، او حلول واقعية لازمات اجتمعت مرّة واحدة، وحان وقت استحقاقاتها، سواء بحسابات الداخل او بحسابات الاقليم والخارج.

وراء حالة الانقسام كان ثمة صناعة «لثنائيات» قاتلة، جرى استخدامها وتوظيفها لاغراق المجتمع في جدل لا ينتهي، واشغاله في تفاصيل لا جدوى منها، وبدل ان يتوجه النقاش العام الى الناس وقضاياهم والى البلد والاخطار التي تحدق به، وان يتاح للفرقاء السياسيين ان يجتمعوا على طاولة الحوار، انتهى المشهد الى «صراع» بين اجندات غير مفهومة، وانكشف الميدان على «فاعلين» استمرأوا الشدّ المتبادل، وكأن ما يهمهم من المباراة هو «عدد الأهداف» التي يسجلها احدهم في مرمى الاخر دون اعتبار للروح الرياضية واصول اللعبة وحماس الجالسين على المدرجات وآمالهم وهواجسهم ايضا.

الآن، تداهمنا ازمتان: ازمة الاقتصاد ومقرراتها وأزمة الانتخابات واستحقاقاتها، ومعهما يقف مجتمعنا على قديمه امام رهانات تسوّقها اطراف لم تفلح في العثور على «كلمة سواء»، ولدى كل طرف ما يلزم من «اوراق» وادوات لادامة حالة «الاستقطاب»، واذا كانت الفرصة لم تفت بعد «لافراز» تيار وسطي عقلاني جامع ومؤلف وقادر على «اختراق» المجتمع بخطاب متوازن وحلول مقنعة، وعلى التأثير في صناع القرار لتغيير اتجاه «البوصلة» نحو المصلحة العامة على قاعدة «الانصار» للبلد ومستقبله وفق معادلة «لا غالب ولا مغلوب» فان اخشى ما نخشاه ان نصطدم مجددا بمفاجآت غير محسوبة تقودنا الى ازمات لا نعرف الخروج منها لا قدر الله.

باختصار، افضل ما يمكن ان نفكر به ونجتهد لتحقيقه هو العمل بصدق لانتاج «تيار» ثالث، يتبنى اطلاق مبادرة محكمة ومقنعة تفتح امامنا فرصة «للتوافق» وتبدد من امامنا حالة «الانكار» والاستعصاء والاحتقان والاستقطاب وتعيد مجتمعنا الى سكة السلامة.

الدستور