نحن والمغرب.. البحث عن "الاستثناء"

نحن والمغرب.. البحث عن "الاستثناء"
الرابط المختصر

فيما تنشغل «النخب» في المغرب بالجدل حول التعديلات الدستورية وموسم الانتخابات البرلمانية الذي اقترب موعده «25 تشرين الثاني المقبل»، يبدو الشارع هناك هادئا نسبيا، وحدها حركة «20 فبراير» عادت الى الواجهة قبل اسبوع تقريبا، ونظمت مظاهرات محددة في الدار البيضاء وطنجة للمطالبة بمزيد من الحريات ومكافحة الفساد.

في الرباط شاهدت نحو خمسين شخصا من النشطاء السياسيين والاعلاميين يقفون على احد الارصفة في شارع محمد الخامس احتفاء باليوم العالمي للديمقراطية، وبعد اقل من ساعة «انفض» الجميع، وحين سألت: قالوا: انهم يطالبون بالمزيد من الديمقراطية.

في وجوه الناس واحاديثهم تقرأ «اخبارا» اخرى غير ما يتداوله السياسيون ثمة حاجة للخروج من «مأساة» البطالة والفقر، وثمة انتظار لتعديل ممارسات السياسة وسلوك الادارة العامة وتحسين الدخول والرواتب، وفي البال قصة طازجة كان بطلها رئيس النيابة العامة «وكيل الملك» بالمحكمة الابتدائية في مدينة مراكش، هذا الرجل اصدر قرارا يقضي بسجن اثنين من ابنائه بعد اعتدائهما على احد المواطنين، مما دفع الامين العام للمجلس الوطني لحقوق الانسان للاشادة بهذا القرار الذي اعتبره شجاعا، لكن الرسالة –على ما يبدو- كانت في سياق ابعد، ربما لتطمين الناس بان مرحلة جديدة بدأت لا احد فيها فوق القانون.

السؤال الذي راودني هو: هل استطاع المغرب ان يشكل «استثناء» في العالم العربي؟ وهل نجحت خطوات الاصلاح في التمهيد لحالة جديدة من الديمقراطية ترضي اغلبية الشعب المغربي؟ اعتقد ان «الوصفة» التي قدمها النظام السياسي هناك كانت «كفيلة» نسبيا بامتصاص احتجاجات الشارع ومطالبه، لكن ما زالت ثمة محطات تحتاج الى مزيد من «الصيانة» لتمكين قطار الاصلاح من العبور وهي لا تتعلق فقط باستيعاب الاسلاميين في الحكم او بتطمين الشباب المغاربة على مستقبلهم وانما ايضا باعادة العافية الى «دولة المؤسسات والقانون» واعادة الثقة بين الشعب والحكم، وتأمين شروط المواطنة الحقيقية بمزيد من التنمية والعدالة في توزيع الثروة ومكافحة الفساد واشاعة مناخات الحرية وهذا ما يراهن عليه المغربيون في الايام القادمة.

في التفاصيل تبدو التجربة المغربية مختلفة نسبيا عن التجربة الاردنية على صعيد «التحول الديمقراطي» هناك حظيت التعديلات الدستورية بقبول واسع من الاحزاب ومن الشارع ايضا وتم تحديد موعد الانتخابات البرلمانية واستطاعت الحكومة ا ن تُجلس مختلف الفاعلين في المجال السياسي على طاولة الحوار وكانت سريعة في اتخاذ التدابير المناسبة لامتصاص احتجاجات الشارع كما ابتعدت عن خلق ازمات تؤدي الى «اشعاله»، هناك –ايضا- طبقة سياسية استطاعت ان تؤثر في مسارات «الاصلاح» واحتجاجات شعبية نجحت في رفع «سقوف» الاستجابات وتجربة يمكن استئنافها في مجال تداول السلطة وتشكيل الاغلبية البرلمانية للحكومة.

لدينا في الاردن –الآن- فرصة ثمينة للتقدم نحو «التحول الديمقراطي» بسرعة اكبر ولدينا امكانيات للخروج من حالة «الانتظار» وحسم ما يلزم من خيارات لتعبيد الطريق نحو اصلاح حقيقي يجعل من الاردن «استثناء» اخر في الربيع العربي.

هل نحن جادون في استثمار هذه الفرص؟ هل نحن قادرون على القيام «بثورة بديلة» من داخل النظام تطفىء شوق الناس الى الديمقراطية التي تلبي حقوقهم ومطالبهم وارادتهم؟ هل بوسعنا ان نتحرر من «فزاعات» التخويف التي تشدنا للوراء؟ ارجو ان نفعل ذلك وان نصحو على «ربيع اردني» تشرق فيه الشمس على وجوه اطفالنا وتعيد اليهم الامل من جديد.

الدستور