نتائج مفاجئة لاستطلاع الجامعة
لأول مرة تتسيد مشكلة العنف الاجتماعي سلم أوليات الأردنيين، لا بل ويتجاوز القلق حيالها الخوف من الفقر والبطالة.
وخلص استطلاع للرأي أصدره مركز الدراسات الاستراتيجية في الجامعة الأردنية أمس إلى أن العنف المجتمعي بات مشكلة يتوجب على الحكومة حلها ووضع خطة لمواجهتها.
وأبرز ما خلص إليه الاستطلاع الذي أجري حول حكومة سمير الرفاعي الثانية أن العنف الاجتماعي تصدر المشاكل غير الاقتصادية التي يعاني منها الأردن، إذ حصل هذا المحور على معدل 17 % لناحية أهميته واحتل المرتبة الأولى لدى قادة الرأي.
المهم واللافت أن هذا التصنيف لم يأت من العينة الوطنية بل من قادة الرأي الذين تراجع اهتمامهم ببند الإصلاح السياسي والديمقراطي؛ حيث حصد هذا المحور المركز الخامس من الاهتمام بمعدل يصل 11 %.
وتلاه بند العنف من حيث الأهمية فالقضية الفلسطينية والوطن البديل، بينما نال محور المياه الترتيب الثالث ومن بعده الفساد، في حين تراجع الاهتمام بالإصلاح السياسي وكذلك التحديات السياسية.
المفارقة الأخرى أن الاهتمام تراجع لدى قادة الرأي، الذين يمثلون النخب، بموضوع الإصلاح السياسي الذي يجري الحديث عنه بشكل متواتر ويعد أساسيا في تطور الحياة العامة والديمقراطية، ما يؤكد أن النوايا الحقيقية حيال هذا الملف في الخفاء غير العلن.
ما لم يكن مفاجئا في الاستطلاع هو بقاء السيطرة محكمة للمشاكل الاقتصادية لدى العينة الوطنية وقادة الرأي والتي يتوجب على الحكومة العمل على تقليصها، وتحديدا سوء الوضع الاقتصادي بشكل عام، والفقر والبطالة وارتفاع الأسعار، فيما تذيل سلم الاهتمامات موضوع الوحدة العربية.
والبروز الكبير الذي احتله العنف المجتمعي يكشف المدى الخطير الذي تغلغلت فيه المشكلة، كما يقدم دليلا قويا على أن العنف ليس بسبب الإعلام كما يزعم بعض المسؤولين، بل بات مشكلة حقيقية وهاجسا يشغل الناس ويعتبرونه من أخطر الأمور التي يجب مواجهتها.
ومواجهة هذه المشكلة غير ممكنة من دون تشخيصها، والاعتراف بالعلاقة الوثيقة بين العنف والحالة الاقتصادية الصعبة التي وصل إليها الناس من فقر وبؤس وبطالة وتعطيل للإنتاجية.
المفاجأة الأخرى في الاستطلاع تتمثل بما خلص إليه الاستطلاع لتوقعات قادة الرأي تجاه نجاح الحكومة رئيسا وفريقا في تحمل مسؤوليات المرحلة، حيث كانت توقعات عينة الرأي بنجاح الحكومة وللمرة الأولى أكثر تشاؤما من توقعات العينة الوطنية.
تقييم قادة الرأي لم يكن كما جرت العادة، الأمر الذي يفسر توتر العلاقة بين الحكومة والنخب السياسية، وعدم رضاهم عن أدائها خلال الفترة الماضية، إضافة إلى أسباب ترتبط بمدى الانسجام بين أعضاء الفريق الحكومي.
قادة الرأي قدموا أكثر من سبب لتراجع التقييم؛ منها ما يرتبط بتكرار الأسماء نفسها في تشكيلة الحكومة، وعدم خبرة الحكومة، وصعوبة الظروف الاقتصادية، وعدم الكفاءة.
ودراسة موجبات ومبررات قادة الرأي في منح التقييم المتواضع للحكومة مهمة وضرورية لناحية معالجتها وتجنبها مستقبلا.
ليس الفقر والبطالة والفساد وتعقد الحالة الاقتصادية بجديد على استطلاعات المركز، بيد أن ما يستوجب التوقف عنده ومعالجته هو ظاهرة العنف الاجتماعي وإرهاصاتها مستقبلا
span style=color: #ff0000;الغد/span