ناقل البحرين واستنزاف اقتصادي
يبدو أن لدى رئيس الوزراء، د.عبدالله النسور، مشاريع وبرامج اقتصادية "لحلحلة" أوضاع الأردنيين من عنق الزجاجة في عدد من القطاعات الخدمية والمعيشية.
وفي الوقت الذي ترى فيه الحكومة أن ثمة مخططات اقتصادية تسعى للبحث عن إجابات لأسئلة الدولة وأفرادها، فإن منتقديها يعتبرون أن الملمح الأبرز في الحكومة الحالية هو إلغاء الدعم عن سلع وخدمات.
أطل رئيس الوزراء ظهر أمس وأعلن عن بدء العمل في مشروع قناة البحرين؛ "الأحمر" والميت"، لجلب كميات مياه تساوي التي يتم ضخها من مشروع الديسي، وبمعدل 100 مليون متر مكعب سنويا.
وتحدث النسور عن تبادل مياه مع إسرائيل، بكلفة تقديرية تبلغ 980 مليون دولار للمرحلة الأولى. وفي تفاصيل التبادل، فإن الأردن سيقدم لإسرائيل في الجنوب مياها بسعر دينار للمتر المكعب الواحد، ضمن محطة تنقية المياه في وادي عربة، مقابل شراء مياه من إسرائيل بسعر 33 قرشا للمتر المكعب الواحد من بحيرة طبريا في الشمال.
الحكومة تؤكد أن الأمر لا يحتاج إلى اتفاق جديد مع إسرائيل؛ إذ إن اتفاقية السلام، لاسيما في مادتها الثانية، تشير إلى "إلزام" إسرائيل بتزويد الأردن بمياه من بحيرة طبريا بمستوى 55 مليون متر مكعب.
لكن الواقع العملي يفيد بتهرب إسرائيل من الالتزامات القانونية والمعاهدات. فمجموع ما يتزود به الأردن مائيا منذ العام 1994 لا يتجاوز 35 مليون متر مكعب، وجميع المتابعين والمراقبين في الأردن يعرفون حجم العراقيل التي وضعتها وما تزال إسرائيل أمام مشروع ناقل البحرين، والإساءة إلى المشروع برمته.
مشروع ناقل "الأحمر–الميت" ليس وليد اليوم أو قبل سنوات، بل مضت عليه ثلاثة عقود كفكرة، قبل توقيع اتفاقية وادي عربة.
وكان الوزيران عمر دحقان ومنذر حدادين من المروجين لها، باعتبار أن هذا الناقل المائي وتحلية المياه جنوبا سيسهما في حل المشكلة المائية المتفاقمة للأردن. وبعد توقيع اتفاقية وادي عربة، تم الحديث في الفكرة بشكل رسمي، وسعت إسرائيل بكل ما لديها من تأثير وقوة لوأدها والإساءة لها في المحافل الدولية، علاوة على طرح بديل الناقل المائي من البحر المتوسط إلى البحر الميت، بما يعني سيطرة إسرائيل على الخط الناقل.
لكن الأردن رفض الطروحات الإسرائيلية. وحتى وقت قريب، وقبل أن يشارك وزير المياه، حازم الناصر، في الحكومة الحالية، كان يؤكد أن إسرائيل تسعى إلى وأد المشروع؛ فما الذي يجعل الحكومة اليوم متأكدة من أن إسرائيل ستمضي في تنفيذ المشروع بتفاصيله وبنوده؟
فكرة إنقاذ البحر الميت، أو مشروع ناقل البحرين، تسهم في حل مشاكل المياه.
ولكن وجود إسرائيل كطرف أساسي يجعلنا نشك في كل حرف توقع عليه أو تتعهد به.
بدل الاتكاء على إسرائيل في مشاريع اقتصادية تسعى إلى تغيير أوضاعنا الصعبة قولا لا عملا، لنحسم الأمر بشأن الحلول المحلية ذات الصلة؛ وذلك بقطع الطريق على سارقي المياه المحليين والمجاورين لبلادنا، ووضع حد لحفر الآبار الذي يعمق من نزيف المياه وهدرها وسرقتها.
مضى ثلاثون عاما على فكرة ناقل البحرين، وربما سيمضي مثلها بانتظار وضع حد لغطرسة إسرائيل ومساعيها في إنهاك الأردنيين، كما الفلسطينيين، مائيا واقتصاديا.
الغد