موازنة 2012: إصرار على الخطأ

موازنة 2012: إصرار على الخطأ
الرابط المختصر

لا يوحي حجم الموازنة المتوقعة للعام المقبل بأية دلالات إيجابية حيال تغير النهج الرسمي في هندسة الموازنة، إذ تشي الأرقام بأن حكومة معروف البخيت ماضية في ارتكاب أخطاء الماضي المتعلقة بالسياسة المالية المطبقة لدينا.
والأرقام الأولية تشير إلى أن مشاكل المالية العامة من عجز ودين عام لن تتراجع، بل ستزداد بشكل كبير بصورة لا تنسجم مع مقدرات البلد، حيث تشير البيانات الراشحة أخيرا إلى أن حجم الموازنة سيقفز ليتجاوز 7 مليارات دينار.
واستنتاج هذه الأرقام ممكن من خلال البناء على الحجم النهائي المتوقع لموازنة العام الحالي والبالغ 6.9 مليار دينار، مضافا إليها معدل النمو الطبيعي المقدر بحوالي 2.3 % سنويا.
البيانات ما تزال أولية لكنها تشي بأكثر من تفسير مقلق وخطير، أبرزها أن الأردن ما يزال ينفق كدولة خليجية بحجم أموال لا ينسجم أبدا مع إمكانات البلد المتواضعة وموارده المالية المحدودة.  وبحسبة بسيطة، يظهر الخطأ والخلل الكبيران اللذان يرتكبان في بناء موازنة، حيث تقدر الإيرادات المحلية للعام المقبل بحوالي 4.8 مليار دينار، اذا ما أخذنا بعين الاعتبار أن إيرادات العام الحالي تراجعت عن المقدر بنحو 500 مليون دينار، فيما يرجح أن نحصل على منح خارجية منتظمة بحوالي 500 مليون دينار. 
وبناء على الأرقام السابقة، فإن الحجم الطبيعي لموازنة العام المقبل يجب أن لا يتجاوز 6.7 مليار دينار على أبعد تقدير، بعجز لا يتجاوز 1.3 مليار دينار، وموازنة جديدة تتجاوز هذه الأرقام ستثبت من دون أدنى شك أن سياستنا المالية باتت تشكل خطرا مدمرا على البلد، ولا تراعي التهديدات الكبيرة التي تطل برأسها على الاقتصاد.
وقيمة الدين سترتفع خلال العام 2012 نحو مليار  دولار من خلال إصدار سندات دولية أو صكوك، الامر الذي يفضح نوايا الاستمرار بذات السياسة المالية، حيث يمكن أن نستشف أن فاتورة الدين سترتفع هي الأخرى بشكل لا يراعي التأثير الخطير لمثل هذا المؤشر حينما يتجاوز حجمه النسبة المحددة في قانون الدين العام، إلا إذا ظهرت لنا أرقام جديدة للناتج المحلي، الذي يتوقع أن ينمو خلال العام الحالي بمعدل 3 %.
الظاهر أن الحكومة لم تتعظ من أخطاء الحكومات السابقة التي مضت بدون أية حسابات في سياسات الإنفاق التوسعية، وساهمت بتطور نمو حجم القطاع العام من حيث لا تدري.
المشكلة الحقيقية أن اتساع الإنفاق لا يذهب لبنود تسهم بزيادة النشاط الاقتصادي، إذ تتجلى الزيادة الكبيرة في الإنفاق بتأثير خطة إعادة هيكلة الرواتب والمقدرة بحوالي 200 مليون دينار، إلى جانب النمو الطبيعي للنفقات الجارية. 
بناء هذا النوع من الموازنات يعني ترحيل المشاكل الهيكلية التي يعاني منها الاقتصاد، وتحديدا ما يتعلق بغياب الشفافية عن بعض بنودها واستمرار مشاكل الهدر المالي، وإغفال وضع خطة لتخفيض نسبة العجز إلى 3 % من الناتج المحلي خلال 3-4 سنوات.
مصلحة البلد واستقراره تتطلب إعادة النظر بهذه الأرقام حتى لا نندم يوم لا ينفع الندم.

الغد