موازنة تشغيلية

موازنة تشغيلية
الرابط المختصر

وزعت الحكومة على النواب مشروع الموازنة العامة للعام 2014، وهي عبارة عن مجلدين ضخمين؛ واحد لموازنة الوزارات، والآخر لموازنة الوحدات المستقلة.

وأول ما فكرت فيه هو الكم الهائل من الورق لطباعة نسخ لجميع النواب والأعيان، وكل من يعنيه الأمر؛ وأنني لن أتمكن من قراءتها بابا بابا وبندا بندا. واللجنة المالية تبحث فصول الموازنة العامة حرفا حرفا، وتستدعي وتناقش المسؤولين في كل القطاعات. وهذا الأمر يجب أن لا يستثني أحدا، لأن بقاء مساحات بعيدة عن المساءلة يُفسد قضية الشفافية ومكافحة الفساد كلها.

أول ملاحظة سمعتها على الموازنة العامة، هي ارتفاع الإنفاق الرأسمالي كأمر غير مفهوم لموازنة تعاني من العجز، وبلد يعاني من المديونية؛ حيث تصل فوائد الديون التي سندفعها في العام 2014 إلى أكثر من مليار دينار.

وعلى كل حال، إذا كان من الصعب تخفيض الإنفاق الجاري المكون من رواتب ومصاريف أخرى جارية لا يوفر التقشف إلا مبالغ متواضعة منها، فمن الممكن الاستغناء عن الإنفاق الرأسمالي (مليار وربع المليار دينار تقريبا). لكن الحقيقة أن نصف الإنفاق الرأسمالي يتشكل من المنحة الخليجية المقيدة بالإنفاق فقط على مشاريع، ولا مجال لأي تحايل. فالمنحة لا تمنح سلفا، والنقود مرصودة عند المانحين وليس عندنا، ويتم دفعها فقط للمشاريع التي يتم تقديمها والموافقة عليها والمباشرة فيها. وهذا ليس بالأمر السيئ لسببين: الأول، أننا نرى أخيرا المساعدات الخارجية تذهب عن آخرها للإنفاق المباشر على التنمية، ولا تذهب عبر قنوات شتى إلى حيث لا ندري. والثاني، أن مواجهة العجز والمديونية تكون أفضل بدعم التنمية، وليس بالانكماش الذي يقلل موارد الدولة، ويفاقم معاناة المجتمع.

وقد ظهر الأثر الإيجابي للإنفاق فورا في السوق، حيث أنقذنا قطاع المقاولات الذي كان يعاني من ركود قاتل، وتم تشغيل شركات المقاولات. وسيكون هناك أكثر من 650 مليون دينار للإنفاق على المشاريع للعام 2014 من المنحة الخليجية؛ وهذا وعد جيد للقطاع الخاص. ثم هناك المنح والمساعدات من الدول الأخرى، وجزء كبير منها مخصص أيضا لمشاريع رأسمالية.

إنما الملاحظة الرئيسة هي أن الإنفاق الرأسمالي يجب أن لا يذهب مجددا لقطاعات يسهل الإنفاق عليها، ويمكن أن تبتلع معظم المال؛ مثل الطرق، على نحو ما فعلنا أواخر العام الحالي، بسبب عدم جاهزية المشاريع الأخرى. يجب التركيز على المشاريع التي تستمر وتسهم في الإنتاج والتشغيل الدائم، وهو ما نريد أن نراه للإنفاق الرأسمالي للعام المقبل

الغد