مواجهة ضغوطات حيتان السوق

مواجهة ضغوطات حيتان السوق
الرابط المختصر

في لقائه يوم الخميس الماضي مع تجار المواد الغذائية طلب وزير الصناعة والتجارة عامر الحديدي من الشركة الوطنية للأغذية تقديم بيانات للتجار حول كميات اللحوم التي ستستوردها ليستفيد منها التجار الذين ما برحوا يشتكون من الضرر الواقع عليهم من قبل الشركة.

الشركة من جانبها تؤكد أنها تعمل وفق أسس السوق وتحتكم لمعادلة العرض والطلب، أما التجار فما فتئوا يشتكون من المنافسة غير العادلة التي تمارس ضدهم من قبل الشركة التي يزعمون أنها تتلقى دعما حكوميا فيما تنفي الشركة ذلك بشدة.

وبغض النظر عن تفاصيل العلاقة بين الطرفين إلا أن المستهلك هو المتأثر الأكبر بالعلاقة بينهما، فتقديم المعلومات حول عمل الشركة الوطنية وكميات اللحوم والمواشي التي ستستوردها خلال الفترة المقبلة يقتل عنصر المنافسة في السوق وقد يسهم ببقاء الأسعار مرتفعة خلال الفترة المقبلة.

إن معرفة التجار بالكميات التي توفرها الشركة سيلعب دورا كبيرا في تحديد حجم الكميات التي سيوفرونها، حتى لا يضطروا إلى تخفيض الأسعار في حال وفرت الوطنية بدائل تغني المستهلك عن منتجاتهم.

في السوق المفتوحة التي تخضع لعوامل التنافسية لا يعلم اللاعبون أية معلومات عن منافسيهم، وقد يعملون على "زرع جواسيس" إن صح التعبير لمعرفة ما لدى منافسيهم من معلومات تساعد في اختراقهم.

وعلى الحكومة التأكيد أن الشركة الوطنية التي تساهم فيها، تلعب أيضا وفق معادلة السوق، وأن عملها يصب في صالح المستهلك، تماما كما يحدث في سوق الاتصالات الذي قدمت الشركات الفاعلة فيه نموذجا يدرس حول التنافسية الحقيقية التي تصب أولا وأخيرا في مصلحة المستهلك وليس منتج الخدمة.

مرة أخرى تخطئ الحكومة في إدارة ملف المواد الغذائية، حيث إن عمل الشركة الوطنية يجب أن يكون مستقلا عنها وفي منأى عن أية تدخلات، لتتمكن من تحقيق التوازن الذي تنشده الحكومة من تأسيس هذه الشركة.

منذ سنوات ونحن نشهد تشوهات في سوق المواد الغذائية، وفي مرات كثيرة كان انفلات الأسعار سيد الموقف في السوق، والضحية هو المستهلك محدود الدخل، ولم تتمكن الحكومة من ضبط إيقاع التجار وتقليص هوامش ربحهم، وتحديدا في مواسم رمضان والأعياد، ولذا جاء إنشاء هذه الشركة لإحداث توازن في السوق.

حصة الشركة من السوق لا تتجاوز 10 % من إجمالي حجمها، وهي حصة تكفي لإبقاء الأسعار ضمن معدلات مقبولة لكنها بالتأكيد لا تلعب دورا في إخراج أحد من السوق إلا أولئك الذين يرغبون بتحقيق أرباح خيالية واستنزاف جيوب المواطنين من دون وجه حق.

عندما أعلنت الحكومة عن الشركة الوطنية كنت من المعارضين لإنشائها، إلا أن وجودها أصبح حقيقة، ويجب التعامل معها كأحد مكونات السوق، وتحت هذا العنوان يلزم فصل إدارة الشركة عن الحكومة، وعدم التدخل في عملها، وعدم الخضوع للضغوطات التي يمارسها كبار التجار، بحجة أن الشركة تضر بعملهم.

ومهما كبر حجم الضغط الذي يمارسه "حيتان" السوق على الحكومة، فإن عليها المضي في إدارة السوق بشكل يحمي المستهلك أولا وأخيرا، بعيدا عن قوى الضغط التي تجعلها تنحرف بخططها ومسارها المتعلق بتنظيم السوق وحماية المستهلك.

الغد

أضف تعليقك