مهمة أكبر من حكومة تصريف أعمال

مهمة أكبر من حكومة تصريف أعمال
الرابط المختصر

لم تحدد ساعة الصفر بعد، ولم يتخذ القرار بتعويم أسعار المشتقات النفطية.

الحكومة نجحت، بامتياز، في شحن الأجواء، وخلقت انطباعا داخليا وخارجيا بصعوبة الوضع الاقتصادي والمالي.

لكنها أخطأت الهدف! فكل ما قالت وما ستقول لن يفلح في إقناع الناس بحتمية الخطوة.

التصريحات التي أمطرنا بها رئيس الوزراء عبدالله النسور، جلبت نتائج سلبية كبيرة.

فالطلب على الدولار ارتفع، والثقة بالاقتصاد تراجعت، وأبعد من ذلك أن تلك التصريحات أرعبت أصحاب رؤوس الأموال من جدوى الاستثمار في الأردن، رغم أن نجاح العملية الاستثمارية يعتمد، بدرجة كبيرة، على الانطباعات الإيجابية التي دمرها الحديث الرسمي.

بالنتيجة نسأل: ماذا جنت الحكومة من الحملة الإعلامية التي شنتها لتمرير خطة إلغاء الدعم؟ وما مدى الإرباك الذي سببه وابل التصريحات التي أطلقتها؟

آخر كلام صدر عن رئيس الوزراء يكشف أن قيمة الدعم النقدي للفرد سنويا ستبلغ 70 دينارا، بقيمة 420 دينارا للأسرة المكونة من ستة أفراد.

وهذا ينسف تصريحات سابقة كانت أكدت أن قيمة الدعم تقترب من 100 دينار للفرد سنوياً.وقيل في وقت سابق، إن كل من يحمل رقما وطنيا سيحصل على الدعم.

ثم انقلبت الفكرة، لتصبح أن الدعم يشمل كل من يقل دخله السنوي عن 10 آلاف دينار، بمتوسط شهري يصل إلى 800 دينار للأسرة.

وأغرب ما قيل من تصريحات، وبثقة عالية تفاجئ متلقيها، أن متوسطي الدخل سيستفيدون من قرار تعويم الأسعار.

وإن صحت نبوءة الحكومة، فإن هذه النتيجة مدعاة للناس للخروج إلى الشارع مطالبين برفع الأسعار، لكي يسرّعوا الاستفادة من الدعم!

اللافت أن الحكومة أمطرتنا بتصريحات متضاربة، إلى درجة شغلت الرأي العام بتحليل وتفسير التصريحات، بدل الانشغال بانعكاسات القرار على حياة الناس.

المهم بعد الهجمة الإعلامية الشرسة على وجدان المواطن، وإغرائه بأن إلغاء الدعم هو لمصلحته ومصلحة الوطن، وبعد أن اقتنعنا بأن الاقتصاد على حافة الهاوية، هل من الممكن التراجع عن القرار؟تأجيل القرار لا علاقة له بمراجعة الحكومة لتوجهها، بل مرتبط بنجاح الفريق الرافض للفكرة بفرض رغباته، تقديرا للوضع السياسي والاجتماعي المحتقن أصلا، وفي سبيل إنجاح الانتخابات أيضا.

وكما قلنا سابقا، فإن الضرر وقع على سمعة البلد والاقتصاد، والتوقعات بانفجار اجتماعي مسألة تتفاوت فيها الآراء؛ إذ يرى البعض أن المرجل يغلي، وزيادة الحرارة، ولو قليلا، قادرة على تفجيره.

فيما يعتقد فريق آخر أن القرار سيمر بدون إحداث فوضى مباشرة، وكل ما سينجم عنه يتمثل في زيادة منسوب الاحتقان لدى العامة.

وعلى الحكومة تقديم إجابتها عن سؤال ملح قبل اتخاذ القرار، وهو: هل يجوز لحكومة تصريف أعمال عمرها قصير، اتخاذ قرار مصيري يمس حياة الجميع، ويقلبها رأسا على عقب، تحديدا في هذه الفترة الدقيقة والحساسة، لاسيما أن نسب الزيادة في الأسعار التي يجري الحديث عنها ليست قليلة؟

فبحسب ما رشح من معلومات، سيرتــفع سعر الديزل بنـسبة33 %، وأسطوانة الغاز بمقدار 3.5 دينار وربما أكثر بقليل، أما بنزين "أوكتان 90" فسيرتفع بنسبة 16 %، وبزيادة دينارين للتنكة.وأيضا على الحكومة أن تفسر لماذا فعلت كسابقاتها، فذهبت إلى الحل الأسهل وهو جيب المواطن!

وكم تعّبر خطوة زيادة الأسعار عن شمولية عملية الإصلاح الاقتصادي المطلوب؟

من الأسلم أن يتخذ هكذا قرار من قبل مجلس نواب منتخب، ضمن رؤية إصلاحية شاملة تطبقها حكومة برلمانية، وليس حكومة تصريف أعمال مكبلة تشريعيا.

الغد