مناقشات الثقة.. خطابات مثمرة ام مجرد »حكي«?
بيان الحكومة مثقل بالعموميات وعلى النواب تحويله الى التزامات محددة
كان متوقعاً ان لا يستجيب النواب لاقتراح رئاسة المجلس ترشيد الكلام في مناقشات الثقة او اقتصاره على الكتل, فهي المرة الاولى التي يطل فيها النواب على جمهورهم, ولن يفوتوا المناسبة في الحديث لاطول فترة ممكنة.
السؤال هل يمكن ان تكون المناقشات هذه المرة مختلفة عن السابق? بمعنى آخر, ليست ايام نقضيها في الاستماع الى خطابات رنانة تنتهي بتصويت على الثقة نعرف نتيجته سلفاً.
الحكومة قدمت للنواب برنامجاً تفصيلياً لما تتعهد القيام به يستند بشكل رئيسي على خطاب العرش الذي تطلب على اساسه الثقة, لكن برنامج الحكومة الذي زاد على 40 صفحة ظل في دائرة العموميات وتجنب اتخاذ مواقف صريحة من بعض القضايا الرئىسية, فقد تضمن وعود عامة.
بشكل عام كان برنامجاً تقليدياً يصعب على المشرع او المراقب ان يمسك به عندما يرغب بمحاسبة الحكومة على ادائها رغم ما اعلن عن برامج زمنية لتنفيذ الخطط والبرامج الحكومية.
مثل هذه البرامج الفضفاضة المليئة بالوعود العريضة لا تصلح وحدها كاساس لمنح الثقة او حجبها.
الخيار الوحيد امام النواب هو في تفكيك البرنامج الحكومي واستخلاص اسئلة محددة وواضحة تجاه مختلف القضايا, واجابة الحكومة عليها الفيصل في تحديد الموقف من مسألة الثقة.
على سبيل المثال لا يكفي ان تتعهد الحكومة ب¯ »تطوير الحياة الحزبية لتعزيز مسيرتنا الديمقراطية وتوسيع نطاق المشاركة في عملية التنمية السياسية وصنع القرار, عبر العمل على ايجاد البيئة الكفيلة بتطور العمل الحزبي الوطني.. الخ), فهذه عموميات تصلح لكل زمان, وسبق ان تكررت في بيانات الحكومات السابقة. يمكن للنواب التوقف عند هذه الفقرة ومطالبة الحكومة تفسيرها عن طريق تقديم افكار محددة لتحقيق هذه الغاية, فهل تفكر الحكومة مثلاً في تعديل قانون الاحزاب?
وفي موقع آخر تتعهد الحكومة بمواصلة دراسة ظاهرة العنف المجتمعي و»تحليل اسبابها«. والحقيقة ان الظاهرة اشبعت بحثاً وتحليلاً وقدم المجلس الاقتصادي الاجتماعي دراسة وافية حولها تضمنت خطة متكاملة لمواجهتها. وكان على الحكومة ان تقدم لمجلس النواب تصوراً شاملاً في بيان الثقة للاجراءات المنوي اتخاذها لمواجهة الظاهرة بدل الهروب باتجاه المزيد من الدراسات والتحليلات.
وتعهدت الحكومة في بيانها بالعمل »على تحسين الظروف المعيشية والوظيفية للمعلمين« وكما نعرف جميعاً فان القضية الرئيسية المطروحة هي الموقف من انشاء نقابة او اتحاد للمعلمين, واكتفى البيان بالاشارة الى ان الحكومة ستبذل »اقصى جهد« لايجاد المظلة الدستورية التي تمثلهم. وهذا لم يعد محل خلاف منذ ان بدأ المعلمون تحركهم النقابي.
وللتقدم خطوة الى الامام في هذا المجال, يستطيع السادة النواب ان يستغلوا مناقشات الثقة بالطلب من الحكومة التقدم بتصور واضح لشكل التمثيل المقترح للمعلمين, خاصة وان الافكار المطروحة كانت وما زالت محل خلاف.
ما اود قوله: انه ما دامت الثقة تحصيل حاصل فلنجعل من المناسبة فرصة للتوافق على خطوات واجراءات محددة تلتزم الحكومة بتنفيذها, لعل ذلك يساعد النواب في تبرير قرارهم بمنح الثقة للحكومة امام قواعدهم الانتخابية
العرب اليوم