مناقشات الثقة: الحكومة في مأمن من النقد

مناقشات الثقة: الحكومة في مأمن من النقد
الرابط المختصر

غياب المعارضة التقليدية والفردية ترك الباب مفتوحا لنشوء معارضة بديلة .

لم يكن غيابا للمعارضة التقليدية عن البرلمان فقط, واعني "الاسلاميين". بل النمط من المعارضات الفردية التي عهدناها في مجالس نيابية سابقة, والتي كانت تمطر الحكومة وفريقها الوزاري بوابل من الانتقادات اللاذعة.

في مناقشات الثقة الدائرة حاليا, ظل الرئيس والوزراء في مأمن من النقد المباشر, والموجه في العادة لوزراء بانفسهم, لسيرتهم الوظيفية وكفاءتهم وخبراتهم وذمتهم المالية.

ولم نسمع كلاما قويا عن الفساد وملفاته العالقة ولا عن التوريث في المناصب, وانهيار قواعد ممارسة السلطة في البلاد. ولم يكترث احد من النواب بملفات السنة الاولى من حكم الرفاعي وما حملت من ازمات وضعت المجتمع احيانا على حافة الخطر.

هذا لا يعني ان الخطاب النيابي في اول يومين كان بلا فائدة او مضمون, فقد تطرق النواب لمواضيع كثيرة مهمة في ميادين السياسة والاقتصاد, وقدم بعضهم اقتراحات وبدائل مفيدة يمكن ان تستفيد منها الحكومة. لكن باستثناء بعض الملاحظات النقدية القوية لعدد محدود من النواب, فإن مداخلات النواب اتسمت بالهدوء و"العقلانية" في النقد ويبدو ان غالبية النواب تقصدوا ذلك حتى لا يقطعوا خطوط الاتصال مع الحكومة في المستقبل على امل الحصول على خدمات لمناطقهم وناخبيهم.

كما بدا واضحا من المناقشات ان النواب الذين حصلوا على دعم في الانتخابات حرصوا على رد الجميل للحكومة فكالوا لها المدائح, واثنوا على ادائها حتى قبل ان تشرع في العمل.

في المقابل حاول نواب آخرون تطوير نمط جديد من النيابة لا يأخذ بمنطق المعارضة الجذرية ولا نهج الولاء المطلق للحكومة لكن هذا الشكل من النيابة يحتاج لبعض الوقت لبلورة نفسه كتيار في المجلس خاصة وانه موزع على اكثر من كتلة الى جانب نواب مستقلين.

بالنسبة للحكومة فإنها ولغاية الان لا تستطيع ان تغرز بوضوح قاعدتها النيابية الثابتة فالمشهد النيابي ما زال ضبابيا, وما يظهر على السطح لا يعكس بالضرورة الحالة التي سيستقر عليها المجلس بعد انتهاء مناقشات الثقة والموازنة.

هناك بلا شك لاعبي ارتكاز من بين النواب ينشطون في الصفوف الخلفية لمصلحة الحكومة, وهناك ايضا كتل يمكن التحكم فيها بالريموت كونترول. لكن التصويت على الثقة وبرقم مرتفع لا يكفي للاعتقاد بأن الحكومة تتمتع بقاعدة عريضة في المجلس.

ربما يكون الفريق الوزاري شعر بالملل من الجلوس ساعات طوال وهو يستمع الى خطابات نيابية فيها الكثير من الحشو والانشاء لكن هذا الشعور على وطأته يظل ارحم من خطابات كانت تنزل كالسياط على الحكومات في زمن كان فيه بحق مجالس للنيابة.

العرب اليوم