ممارسات تفسد الانتخابات
محاولات لا تنتهي للتأثير على ارادة الناخبين بوسائل غير اخلاقية.
يشكو المعارضون للحزب الحاكم في مصر من سلوك مرشحي "الوطني" في حملاتهم الانتخابية لمجلس الشعب المصري, وعلى شاشة التلفزيون المصري روى القيادي في حزب التجمع المصري رفعت السعيد ما سمعه من صاحب مصنع ثلاجات يواصل الليل بالنهار لتأمين طلبات مرشحي الحزب الوطني من الثلاجات التي توزع على الناخبين لشراء اصواتهم.
وفي الصحافة المصرية ووسائل الاعلام الالكتروني تقرأ العجب العُجاب عن الطرق التي يلجأ اليها الحزب الحاكم لشراء اصوات الناخبين.
بالمعنى القانوني لا يصنف هذا السلوك على انه تزوير للانتخابات, وها هي الجهات الرسمية في مصر تعلن كل يوم التزامها بقواعد النزاهة وتبدي استعدادها لاستقبال مراقبين للتأكد من سلامة الاجراءات المتصلة بالعملية الانتخابية.
في الاردن ثمة سلوكيات مشابهة لما يفعله مرشحو الحزب الوطني في مصر, الفرق ان مرشحينا مستقلون ويعملون لحسابهم الشخصي لا لحساب حزب حاكم.
يستطيع مراقب حركات العشرات من المرشحين في مختلف الدوائر ان يرصد طرق شراء الاصوات التي تأخذ اشكالا متعددة. فهناك اموال تدفع بشكل مباشر للافراد او لمفاتيح انتخابية تتولى توزيعها بمعرفتها, وهناك انباء عن تجميع بطاقات انتخابية ليوم الاقتراع.
ولجأ بعض المرشحين الى تسيير رحلات عمرة لابناء دوائرهم الانتخابية من باب "الإحسان الانتخابي", واستغل البعض الآخر موسم العودة الى المدارس والجامعات لتقديم مساعدات عينية ومادية "للأسر الانتخابية" في دوائرهم.
ويظل توفير الوظائف للعاطلين عن العمل هو الخيار المفضل للناخبين, لكن ولعجز المرشحين عن تحصيلها في القطاع الحكومي يتجهون الى مؤسسات وشركات القطاع الخاص, وقد اشتكى اصحاب شركات في الآونة الاخيرة من ضغوط مرشحين لا يتوقفون عن طلب توظيف شباب لاغراض انتخابية.
هذا السلوك هو محاولة للتأثير على ارادة الناخبين الحرة, والقانون يُجرم كل اشكال شراء الاصوات, لا بل ان قانون الانتخاب المؤقت غلظ العقوبات فيما سمّاها الجرائم الانتخابية, لكن لغاية الآن لم تعلن الجهات الرسمية عن اجراءات ملموسة لضبط هذه التجاوزات التي تقع على نطاق واسع ولا تخطئها أعين الاجهزة والمسؤولين في كل مكان.
تستطيع الحكومة لا بل من واجبها ان تضمن اجراء انتخابات نزيهة, لكن عليها في المقابل ايضا ان تحمي الانتخابات من ممارسات تفسدها, فالانتخابات الفاسدة لا فرق بينها وبين "المزورة" في شيء.
فالتزوير يمكن ان يحدث مرة واحدة, أما الانتخابات الفاسدة فتتحول الى سلوك جماعي يصعب اجتثاثه مع مرور الوقت.
العرب اليوم