مليونيرة تبحث عن عريس!

مليونيرة تبحث عن عريس!
الرابط المختصر

يقول الخبر أن مليونيرة جديدة من جنسية عربية تبحث عن عريس مسيار مثقف ، المليونيرة الجديدة تمتلك سلسلة عقارات ، وطلبت من إحدى المجلات العربية ، مساعدتها في البحث عن عريس مسيار ، العروس قالت أنها انفصلت عن زوجها السابق بسبب خلافات خاصة بينهما ، في حين طلب كثيرون الارتباط بها ، بيد أنها لم تجد فيهم الزوج الذي تحلم به ، خصوصاً أن غالبيتهم من الشباب الصغار في السن ، ما دفعها للاعتقاد بأن طلبهم الارتباط بها عائد إلى طمعهم في ثروتها المودعة في أكثر من بنك ، مواصفات العريس أن يكون خمسينياً أو أقل بأعوام بسيطة ، وأن يكون مثقفاً وليس له أطماع في ثروتها ، على أن يكون دافعه للزواج الرغبة في شخصها وليس مالها ،

فور نشر الخبر في أكثر من موقع إلكتروني ، انهالت عروض الزواج ، بعضها طريف وبعضها فيه سخرية من المشهد كله ، وبعضها يكشف جوعا مزمنا للقفز على الفقر ، والفوز بقلب العروس الدسمة ، والبعض الآخر يحمل رغبة شديدة في الاستمتاع بزواج المسيار ، بل إن هناك بعض الزوجات تبرهن بأن عرضن أن تكون المليونيرة "ضرة" لهن ، وأن تكون الزوجة الثانية،.

مشاعر مختلطة كثيرة انتابتني وأنا أطالع الخبر في غير مكان ، خاصة وأن بعضنا يعيش أجواء نكبة فلسطين في ذكراها الثانية والستين ، ولسبب لا أعرفه على وجه التحديد ، شعرت أن نكبة فلسطين الطاعنة في السن ، تمددت على طول الوطن العربي وعرضه ، بل إنها تأخذ مظاهر أكثر من قاسية في تجلياتها الإجتماعية.

نكبة فلسطين معروفة ، ولكن يبدو إن لكل قطر في بلادنا نكبته الخاصة ، فنحن أبناء النكبات والنكسات والإخفاقات ، ويكفي أن ترى طوابير العرسان تصطف على ابواب العروس "المدهنة" كي تشعر بعمق الأزمة التي نحياها.

المشكلة ليست في زواج المسيار ولا في طلب امرأة عريسا بمواصفات خاصة ، بل بهذا التكالب على إهدار ممارسة إنسانية رفيعة المستوى - أو هكذا يجب أن تكون - على هذا النحو الذي نراه في قصة عروستنا المليونيرة ، المشهد مؤذ ومؤلم كيفما نظرت إليه ، ويذكرنا بإعلانات مشابهة: مطلوب فيلا في موقع هادىء وبسعر معقول ، أو مطلوب سيارة للشراء ، موديل ألفين فما فوق ، بدون دفعة أولى ، أو جواد للبيع ، ذي اصل عربي ، عمره لا يتجاوز الكذا من السنين ، و"خيره فيه" أو قطعة أرض للاستثمار: تصلح كازية أو مول أو برج مكاتب،.

ثمة تشييء للإنسان وإهدار لكرامته ، وتحويله إلى شيء بلا قيمة إنسانية ، بصراحة قرفت لما قرأت الخبر ، وأحسست أكثر بعمق نكبة فلسطين ، وبقية فلسطيناتنا العربيات،.

الدستور

أضف تعليقك