ملاحظات حول الثانوية العامة وامتحانها

ملاحظات حول الثانوية العامة وامتحانها
الرابط المختصر

أتيحت لي الفرصة مساء صدور نتائج الثانوية العامة الاستماع الى اعتراضات الذين أخفقوا في هذا الامتحان، وبايجاز يمكن القول لدى كل من استمع الى هذه الاعتراضات أن يلاحظ ان لدى كثيرين من طلاب هذه المرحلة خللا في المفاهيم وخللا في القيم، هذا الخلل إن لم نتداركه فسوف يكون هؤلاء الذين أخفقوا أول ضحاياه.

- ليس من المعقول أن يعترض طالب لأنه رسب في مادة بسبب درجة أو درجتين ويطالب باقالة فلان أو فلان لأنه «ظالم». لماذا لا يتساءل الطالب ذاته أو ولي امره الحانق فيقول.. لو رفعت الوزارة درجة من حصل على (49) لتصبح (50)، ألا يحق لمن حصل على درجة (48) أن يعترض أيضا لأن الفارق درجة واحدة وهكذا تستمر العملية حتى يحق الاعتراض لمن نال أدنى الدرجات.

- ليس من المعقول أن نسمع اعتراضات حول «إرهاب» قامت به وزارة التربية، وكل ما حدث هو منع الغش ورسول الله صلى الله عليه وسلم يقول «من غشّنا فليس منّا» ولم يحدث أن وقف مراقب وهو يحمل مسدسا ليمنع الطلاب من الغش، واتساءل هنا: لماذا يحمل الطالب هاتفاً خلوياً أثناء الامتحان؟ ولماذا يعترض إذا منع من استخدامه؟؟ والاجابات معروفة.

- وحول ما تردد من ظلم وصعوبات في نوعية الأسئلة فهذا قول وإدعاء مرفوض لأن من شروط الأسئلة التي لا ينبغي الحياد عنها ان تكون من صلب المادة، كما أن واضعي الأسئلة يدركون ذلك تماما ولا يقبلون بتعريض أنفسهم للمساءلة، وهذا السؤال حول مدى الظلم ينبغي أن يوجه لمن حصلوا على درجات مرتفعة فكيف أمكنهم ذلك إذا كانت الأسئلة خارج المنهج المقرر؟؟

- وأغرب مما سبق كله أن يعترض كتَاب و»مفكّرون» حول نظام الثانوية ويطالبون باحتساب درجات الصفوف السابقة كما يحدث في أميركا!!! هذا دونما أي اشارة الى الخصوصيات والفروقات بين ما يحدث هناك وما يحدث عندنا، وللعلم فإن ادارة الامتحانات «عندهم» لديها القدرة على مراقبة ما يحدث وفرض العقوبات الرادعة الى حدّ الفصل من العمل واغلاق المدرسة التي ترفع درجات طلّابها عند ملاحظة اي خلل، فهل يضمن هؤلاء المعترضون أن تكون مدارسنا على هذا المستوى؟ وهل يضمن هؤلاء ان يعاقب من يقترف الخطأ؟ أم أن المطلوب مزيد من الخلل والتقليد دون أن نكون بمستوى الدول المتقدمة؟ وهل نذكّر هؤلاء بحالات كثيرة كان الاخفاق نصيبها في المدارس والجامعات؟

- ويدعو آخرون الى امتحان يتم عقده بواسطة الجامعات لتقبل كل جامعة طلابها حسب اختبارات تعقدها الجامعة نفسها، هل نضمن النزاهة أيضا؟ وإذا كانت الوزارة وهي جهة وحيدة تحت المراقبة وتساندها جهات عديدة ولها الخبرة الطويلة تقوم بهذا الامتحان بجهد جهيد فكيف يمكن أن ندع الامتحانات للجامعات؟ وكيف لأي جامعة ان يكون لديها الخبراء في وضع الاسئلة حتى لو كانوا من أصحاب الاستاذية في الرتب الجامعية؟ إن من الحقائق البديهية حول هذا الموضوع هو أن من يقومون بوضعها يعرفون تماما كل ما يتعلّق بالمناهج من سنيّ الدراسة الأولى وهم الأكثر خبرة وتجربة بحكم العمل والسنوات الطوال والمتابعة وهذا لا يتاتّى للمدرس الجامعي وسبق أن حدثت بعض المزالق عندما استعين بمدرسين جامعيين من حملة الدكتوراة في سنوات سابقة.

- وبحكم جازم يتهم بعضهم وزارة التربية بأنها «لم تتقدم خطوة منذ عشر سنوات لا في المناهج ولا في الامتحانات».. وهذا الاتهام افتراء واضح بكل معنى الكلمة، فنحن لم ننس بعد أننا قدمنا الثانوية في أيامنا خلال أربعة أيام، وكان الطالب يرسب في الثانوية كلها إذا أخفق في مادة واحدة، وكانت الاختصاصات محدودة بثلاثة أو أربعة تخصصات.. وهذا كله تغير في هذه الايام، هذا عدا المناهج التي تقوم الوزارة بتدريسها ونالت الاحترام والتقدير من جهات عالمية وأثبت طلابنا الذين اجتازوها بجدارة أنهم يجارون أفضل المستويات في أي بلد متقدم، والشواهد حول هذا التفوق أكثر من ان تحصى.

- أخيرا اسأل كل طالب معترض وأسال والده أيضا.. ماذا لو أنهى الطالب دراسته وعمل في مصنع أو مؤسسة وهو بهذه (العقلية) هل يتوقع أن يتغاضى عنه المسؤول إذا تغيب؟ أم يسامحه إذا جلس وانشغل بهاتفه الجوّال عن العمل؟ وهل يمكن أن يتغاضى عنه مدرسه في الجامعة لأنه أخفق ونقصته درجة؟.. يبقى القول أن التعب والعمل الجاد ثماره معروفة وان الاهمال والتقصير عواقبه وخيمة.

الرأي

أضف تعليقك