مكافحة الفساد عليها ألاّ تنتظر
لا تعرف ماذا يعني هذا التخبط في إدارة كثير من قضايا البلد، فاسطوانات الغاز التي تمت الموافقة على شرائها أولا، وزيارة المصنع في الهند، تم الاعتراض على دخولها، لاحقا ثم الكلام عن وجودها في الميناء، وانها لم تخرج من الميناء حتى الآن؟!.
بوغتنا البارحة، بكلام آخر حول ان مصفاة البترول دفعت ثمن الشحنة، وان الاسطوانات جاهزة للتوزيع،عبر مختلف محطات توزيع المحروقات، وان قيمة الاسطوانات تتجاوز الخمسة ملايين دينار دفعتها المصفاة، مقابل ربع مليون اسطوانة.
هكذا إذن تتراشق الجهات الرسمية فيما بينها، من المواصفات والمقاييس،وصولا الى المصفاة،وهذا الصراع الخفي،حول صلاحية الشحنة، سيؤدي في المحصلة إلى عدم قبول الناس ادخالها إلى بيوتهم، في حال تم توزيعها،لان الناس ستتخوف من انفجارها فجأة.
هذا تلاعب بحياة الناس، تلاعب مرعب، والكل يدعي الحرص على حياة المواطن، لكنك لاتفهم من جهة اخرى كيف تأكدت المواصفات والمقاييس من صلاحية وجودة المصنع الذي يوزع على أربعين دولة، ثم اكتشفت فجأة ان بعض العينات قابلة للانفجار، والتراشق امتد من جهات الرقابة الى جهات التوزيع، اي المصفاة، ودخلت مكافحة الفساد على الخط لتعلن استعدادها التحقيق في كل القصة.
وضع مرعب، وبالمناسبة تثور الشكوك حول كل القصة،لان مستوى الحوار ومفرداته بين الجميع ينزع الى الشخصنة والتحدي وصراع الارادات، ولما تعلن مكافحة الفساد استعدادها للتحقيق إذا طلب أحد منها ذلك،فهذا يعني وجود شبهة فساد محتملة، وغير مؤكدة طبعا، وهذا يقود إلى تأويلات غير مناسبة بشأن كل الشحنة.
الروح المعنوية للناس منخفضة، ولا ينقصها هذا الرعب، وتم اعدام الشحنة فعليا، بإثارة مخاوف الناس منها،حتى لو تم توزيعها،لان لا أحد سيقامر بادخال أي اسطوانة إلى بيته، خوفا من احتمال الانفجار الذي اثارته دائرة المواصفات والمقاييس.
ثم كيف يمكن ان نفهم التناقض إذ يقال لنا إن الشحنة مازالت في الميناء، ويعلن لاحقا عبر موقع «عمون» الاخباري، وعلى لسان مسؤولين في المصفاة ان الشحنة جاهزة للتوزيع،وانها موجودة في كل المراكز، فهل دخلت وتم رفع الحظر عنها، ولماذا وعلى أي أساس، والأسئلة لا تعد ولا تحصى.
نريد من هيئة مكافحة الفساد ان تتدخل فورا،لاننا امام حالة خطيرة،ولايمكن للهيئة ان تنتظر طلبا من أحد،وعلينا ان نتذكر هذه القصة بكل تفاصيلها،امام أي حادثة محتملة، ومن سيحتمل كلفتها، في تلك اللحظة.
الدستور