مكافحة الفساد الحقيقي

مكافحة الفساد الحقيقي
الرابط المختصر

نحن متيقنون أن الفساد بأشكاله المختلفة تطور مع تقدم البشرية وهي شبه ملازمة للحياة البشرية، لذلك حرصت القوانين الإلهية والوضعية على معالجة الفساد وقدمت تشريعات واضحة، وفي المناطق الضبابية او الرمادية للفساد قدم الدين الإسلامي الحنيف حلولا ناجعة، وأكثرها فعالية الحديث النبوي الشريف عندما قال المصطفى عليه الصلاة والسلام " إن الحلال بين والحرام بين وبينهما أمور مشتبهات لا يعلمهن كثير من الناس فمن اتقى الشبهات استبرأ لدينه وعرضه ومن وقع في الشبهات وقع في الحرام كالراعي يرعى حول الحمى يوشك أن يرتع فيه ألا وإن لكل ملك حمى ألا وإن حمى الله محارمه ألا وإن في الجسد مضغه إذا صلحت صلح الجسد كله وإذا فسدت فسد الجسد كله ألا وهي القلب) متفق عليه.

وما نتابعه من حراك شعبي تحت عناوين واضحة تطالب بالاصلاح ومكافحة الفساد بكافة اشكاله، فان الفساد التقليدي من الرشوة والابتزاز والسطو على المال العام والخاص والاثراء على حساب البلاد والعباد يكاد يكون واضح الملامح ومتعارفا عليه وان القوانين كفيلة بمعالجتها اذا توفرت الارادة، الا ان هناك انواعا عديدة ومبتكرة من الفساد منها على سبيل المثال عدم المساواة في العطاءات وتلزيم هذا العطاء على "زيد وحرمان عمر"، ومنح الامتيازات لشخص او شركة على حساب آخرين، وحظر نشاط تجاري على طالب رخصة والسماح لغيره، وتسريب معلومات معينة الى شخص او فئة بعيدا عن العامة، وغير ذلك من الممارسات تعتبر انواعا من الفساد اشد قسوة على الاقتصاد والعامة، حيث تتيح للبعض جمع ثروات طائلة بعيدا عن المساواة والعدالة بين الناس، وهذا النوع من الفساد يحتاج الى عزيمة وخبراء ومحللين للكشف عنه بعدالة ومكافحته واعادة الامور الى نصابها.

مشاريع الخصخصة التي نفذت طوال السنوات الماضية اكتنفها الكثير من الشبهات من حيث العلنية والشفافية حيث تم بيع اصول ومنح رخص لممارسة العمل بأزهد الاثمان وكان الخاسر الاكبر المواطن والاقتصاد، كما بعض العقود شكلت ضررا بالغا على الجميع وحرمت المالية من ايرادات مهمة، وغالبا ما تم ابرام عقود مع جهات اجنبية تكون المرجعية لها في حال نشوب نزاع تجاري قضاء اجنبي، وفي هذا ضرر ومساس بالسيادة، وهنا لابد من تشكيل لجنة فنية لاجراء مراجعة للتعاقدات والعقود التي ابرمت بهدف اعادة تصويب ما امكن منها وتسجيل دروس للمرحلة المقبلة.

وهنا لابد من الانتباه الى ان الملفات التي فتحت في اطار الجهود الحقيقية لمكافحة الفساد والرد على المفسدين والتي بدت واضحة للمراقبين والمواطنين يفترض ان تبقى طي الكتمان لحين اصدار حكم قضائي بشأنها لحماية الاقتصاد وكبح البلبلة التي ترافق الحديث حول قضايا الفساد والمتورطين فيها، اذ هناك البعض قد يتم ادانتهم وهناك اخرون قد يتم تبرئتهم، اما الشعبية لهذه الجهود غير محبذة ولاتخدم مكافحة الفساد وهذا ما نرجوه.

الدستور

أضف تعليقك